التقائي أنيس منصور
(19/12/1994م)
ممن لقيتهم بالدوحة في هذه الفترة: الكاتب الشهير أنيس منصور، وهو صاحب عمود يومي في الأهرام أيضًا، في مقابل عمود أحمد بهاء الدين، وعنوانه معروف لدى قراء الأهرام، وهو «مواقف». وهو رجل ذو ثقافة واسعة، وقراءات متنوعة: في الفلسفة، وهي تخصصه الأصلي، وفي الأدب، والتاريخ، والسياسة، والاجتماع، والدين، والعلوم المختلفة. وله آراء حرة تحسب في ميزانه وآراء أخرى يرفضها كثيرون.
وعلى الرغم من أني أقدّر ثقافة أنيس الواسعة، وبدايته الفلسفية، ورشاقة قلمه، فإني لا أنهض إلى قراءة عموده، كما أنهض لقراءة عمود بهاء الدين؛ ولذا لم يكن لقائي أنيس منصور حين دُعي إلى محاضرة في الدوحة، مثل لقائي بأحمد بهاء الدين.
والحديث النبوي الذي رواه البخاري ومسلم، يقول: «الأرواح جنود مُجنّدة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف».
ومع هذ سَعيتُ لأشهد محاضرته، مجاملةً له، فأنا أعتبر هؤلاء المحاضرين الكبار ضيوفًا عليَّ في قطر، ومن حقِّهم عليَّ أن أُرحّب بهم، سواء وافقتهم أم خالفتهم. على أنَّ حضوري للاستماع إلى هؤلاء المحاضرين، ورؤيتهم لي في القاعة، يُخفِّف من غلوائهم، ويجعلهم يتحفظون في كلامهم عن الدين وعن العلماء أو الإسلاميين، كما لاحظ ذلك كثير من الحضور.
وبعد المحاضرة، لقيتُ الأستاذ أنيسًا وسلمت عليه، وعرَّفته بنفسي، فقال: وهل يخفى القمر؟ أنت القرضاوي الذي باسمه تُرتكب بلاوي، وتقع أحداث، كم باسمك يا شيخ قرضاوي يقترف ما يقترف؟
قلت له: أنت جعلتني مثل «الحرية» التي قال فيها من قال: كم باسمك أيتها الحرية يقتل من يقتل، ويظلم من يظلم؟
وضحك وضحكت، وانصرفنا.