كلمتي في تأبينه:
وبعد الدفن، ألقيت كلمة رثاء أودع بها أخانا الحبيب سعيدًا، لا أذكر الآن مضمونها، ولكن أذكر أني بكيت فيها سعيدًا، وبكيت معه شيخه وشيخنا الإمام البنا رحمه الله. ومن طبيعة توديع الأحبة أن يذكِّر بعضهم ببعض، وأن الحزن الجديد يوقظ الحزن القديم، كما قال الشاعر:
وقالوا: أتبكي كل قبرٍ رأيته ** لقبْر ثوى بين اللوى والدكادِكِ
فقلت لهم: إنَّ الأسى يبعث الأسى ** دعوني، فهذا كله قبر مالك!
لقد مات سعيد رمضان، وكلُّ نفس ذائقة الموت، ولكن من الناس من إذا مات مات معه كل شيء، فلا يبقى له أثر ولا خبر ولا ذكر... ومن الناس من يحيا بعد موته، أعمارًا بعد عمره، بما خلَّف مما ينفع الناس. وأحسب أن سعيدًا من هؤلاء.
نبوغه المبكّر:
لقد ولد سعيد في السنة نفسها التي ولدت فيها، ولكنه حصل على الثانوية مبكرًا، في السنة نفسها التي دخلت فها معهد طنطا، وهو تخرج في مدرسة طنطا الثانوية، ولكنه ظهر ونبغ وهو في المرحلة الثانوية، واشتغل بالدعوة مبكرًا، وذهب إلى عدد من القرى القريبة من طنطا، ومنها: قريتنا «صفط تراب» التي زارها بُعيد حصوله على الثانوية، وألقى فيها خطبة الجمعة، التي لقيت استحسانًا من الناس، ولم أكن موجودًا في القرية في ذلك اليوم، لا أذكر السبب.
لقاءاتي به:
انتقل سعيد من طنطا إلى القاهرة ليلتحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة «أو جامعة فؤاد الأول» كما كانت تُسمَّى في ذلك الوقت. ولم يقدَّر لي أن ألقاه أو أستمع إليه إلا مرتين، المرة التي أذكرها جيدًا، حين كان مصاحبًا للإمام الشهيد في زيارة مدينة «دسوق». وقد ذهبنا إليها لنستمع إلى الإمام الشهيد، أنا والأخ أحمد العسال، والأخ محمد الدمرداش مراد. وذلك عن طريق قطار الدلتا. وكانت المناسبة مناسبة المولد النبوي، فألقى سعيد كلمة ضافية أخذت بمجامع القلوب، في هذه الذكرى العاطرة