الكياسة الزائدة/ سيدي أحمد التباخ

حياكم الله،
تباخيات ناصحة ناطحة:
1- بداية، اسمحو لي ان أدين أعمال الشغب وتدمير وحرق الممتلكات العامة والخاصة فهي ليست مبررة على الاطلاق،
2- انا دائما اتردد في المشاركة او حتى تأييد أي "نضال" أو حراك ميداني، لأنني اعرف اننا همجيون وبداة، لا يمكننا ان نتظاهر دون ان نحطم وندمر ونحرق، وربما نجرح او نقتل.. إنني أفضل الموت من الجوع وانا آمن في سربي على الموت شبعانا وانا مقطوع الرأس او أنزف دما..
3- كان بامكاني ان التمس لهؤلاء قليلا من التبرير لو أنهم قاموا بما قاموا به كردة فعل ضد قمع وبطش قوات الامن بهم إثر اعتصام سلمي او تظاهرة مدنية، أما وقد بادروا للتخريب والبطش من دون سبب فذلك ما لا يمكنني تبريره اطلاقا،
------------------------
ولكن:
4- الحل ليس في ردة الفعل المغالية في القسوة والتعسف والتنكيل والاعتقال،
فليست القضية هنا أمنية ولا هي تمرد عسكري،
5- الحل ايضا ليس بالكذب، والخرجات الاعلامية للمسؤولين الذين جعلوا مسيلمة الكذاب مراهقا في محافل الكذابين،
6- الحل يبدأ من فصل المسؤولين الفاشلين والعمل بأقصى جهد لتحسين الخدمات العامة في كل مجال،
-----------------------
7- إن أغلب الشباب من البطالين العاطلين عن العمل يشعرون - غداة كل تعيين - بالاستحقار والاهانة من جانب النظام، اذ كيف يتكدس الآلاف من حملة الشهادات على شارع البطالة في وقت لا يكف فيه النظام عن إعادة تعيين مومياوات عف عليها الزمن وهجرها التاريخ منذ حقب عديدة؟
8- كيف - بالله عليكم - يمكن تفسير رداءة الخدمات في "اركيز "حتى يوم الاحداث، ثم تحسنها بعد ساعتين فقط على نهاية الأحداث بينما المنطق يقول بأن الخدمات ستتوقف تماما بعد حرق وتخريب أدواتها..
9- يعني الامر أن المسؤولين لا يؤدون سوى أقل القليل من مسؤولياتهم، وعلى هذا فهم لا يستحقون سوى قطع الألسن اولا ثم قطع الارزاق ثانيا،، هذا ان لم يكن قطع الاعناق متيسرا.
---------------------
10- يقال إن لكل نظام شفرة، حين يتمكن المسؤولون من فكها فإنهم يتعاطون معها بما يمكنهم من تحقيق مآربهم وغاياتهم على أكمل وجه،
11- أخشى ان شفرة النظام الحالي هي "الكياسة" الزائدة والتسامح الزائد، وقد تمكن المسؤولون من حلها فطفق كل منهم يفعل ما يريد دون خوف من عقاب او خشية من إقالة،
12- على حد علمي، منذ وصول الرئيس الغزواني الى الحكم لم يتم تجريد سوى مسؤولين اثنين فحسب، مديرة سوماغاز منت دحي والمستشار احمد ولد هارون، وكلاهما بسبب فوكالات على واتساب،
13- لم يحدث ابدا حتى اللحظة ان تم تجريد اي مسؤول بسبب الفساد او التقصير في عمله، وهذا ما اطلق العنان  للمسؤولين الحاليين وأغلبهم من اللصوص والمفسدين، لقد فهموا ان بامكانهم فعل أي شي من فساد واختلاس او تقصير وإهمال، لكن عليهم ان يطبقوا شفاههم ويبتلعوا ألسنتهم، فقط: كل وانت ساكت.
-------------------------
14- إن "شراء" المعارضين ليس دائما مضمون النتائج، أضف اليه أنه سيؤدي الى نزيف في الانصار اذا لم يحصلوا على نصيبهم من "الكعكة"، فما معنى ان ينال المعارض صفقات وتمويلات وأبقى انا الموالي "أنحمس الخرجان"؟ أم أنك تظنني من الأنصار (الأوس والخزرج) الذين قال لهم سيد الوجود عليه الصلاة والسلام: "... لعاعة من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم الى اسلامكم"؟
15- من ناحيتها، النخبة التهمت من المشوي وتم تدجينها فضاقت عليها المواضيع وانعدمت، فلم تعد تجد ما تتحدث عنه سوى مشهد قطة على الغداء في مطعم أنيق او حمامة على الفطور في مقهى هادىء.
16- تلك كارثة، ولقد تعجلنا القول حين تحدثنا عن كارثية التوافق بين الحكومة والنواب، ثم بين الحكومة والمعارضة، فالآن صار التوافق على أشده بين الحكومة والنخبة وأهل الرأي والتأثير، فما ظنك ببلد "اصطحبت" فيه الحكومة مع البرلمان ومع المعارضة ومع النخبة؟
----------------------
17- في التاريخ القريب ما يلهم النظام ليحسن التعامل مع مطالب المواطنين، ولنأخذ مصر مثالا:
       أ) بدأت مطالب المصريين باقالة الحكومة وتنفيذ إصلاحات سريعة، وبدلا من اتخاذ خطوات من طرف النظام في هذا الاتجاه فإنه بادر الى الحلول الامنية، وفشلت الحلول الامنية فاصدر حسني مبارك قرار اقالة الحكومة، لكنه جاء متأخرا جدا،
     ب) طالب الشعب بعدم ترشح حسني مبارك للرئاسيات المقبلة واعلان ذلك، فرفض مبارك وبادر الى الحلول الامنية لتفشل مرة اخرى، فأعلن في خطابه الثاني عدم نيته الترشح، لكنه كان متأخرا جدا،
      ج) طالب الشعب بتعيين نائب للرئيس وتفويضه صلاحيات حقيقية، فرفض مبارك وواصل محاولة الحلول الأمنية، لتفشل مرة ثالثة فيعلن تعيين نائبه عمر سليمان وتكليفه بتصريف اعمال الرئيس، لكنه كان متأخرا جدا،
18- في كل مرة يجرب النظام الحلول الامنية فتفشل فشلا ذريعا، وحين يقرر النزول عند مطلب الشعب يكون الآوان قد فات، لأن مطالب الشعب قد تطورت، زادتها الحلول الامنية حدة ورفعت من سقفها، الى ان وصل الامر حد المطالبة ب "اسقاط النظام"، وهنا اضطر النظام ذاته لاسقاط رئيسه خوفا من اسقاطهم جميعا،
      || لقد كان بامكان نظام مبارك ان يستمر في الحكم لو انه نفذ أول مطلب للشعب وهو اقالة الحكومة والبدء في تنفيذ الاصلاحات، لكنه رفض بغباء، فسقطت الحكومة وسقط الرئيس وسقط الشهداء وتعطلت الخدمات فكان الثمن باهظا للغاية، وكان يمكن تلافيه لو ان النظام استمع لمطلب بسيط من شعبه||
19- ليس عيبا ان ينزل النظام عند مطالب شعبه، خصوصا اذا كان نظاما منتخبا. لقد جاء بك الشعب الى الرئاسة ودورك هو ان تستمع اليه وتنفذ مطالبه، والا فسيسقطك ذات يوم إن لم يكن بيده فأبيدي من يحيطون بك.
----------------------------
20- أخيرا، الصورة: ضوء في آخر النفق، ما زلت أراه مع هذا النظام، والله المستعان وعليه التكلان، ثم الصلاة والسلام على سيد الانام، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
#تباخيات