جواب مفحم:
والمرة الأخرى أظنها كانت في المركز العام، وسمعتُ منه كلمة حكيمة وموفَّقة، لا أذكر في أيِّ المحاضرتين كانت؟ وهي أنه كان يخطب مرة، فأراد بعض المستمعين أن يحرجه، فسأله هذا السؤال: أنتم صار لكم عشرون سنة تتكلمون فماذا فعلتم؟
وكان جوابه: وأنتم أيضًا صار لكم عشرون سنة تسمعون، فماذا فعلتم؟!
فكان جوابًا مفحمًا ومقنعًا. فبعض الناس يجعل كل التبعة على المتكلم، ولا يحمّل المستمع شيئًا. والواقع أن على المتكلم أن يدعو ويشرح ويبيّن، وعلى المستمع أن يفهم ويعمل وينفذ، وقد سمعت كلمة سعيد رمضان في الحفل، ولكني لم ألتق به. ولم ألتقه مدة دراسته في الجامعة حتى تخرج.
ثقة الإمام الشهيد به:
كان سعيد رمضان بموهبته وذكائه وحيويته وخبرته في الدعوة منذ باكورة شبابه، موضع ثقة الإمام الشهيد، فقد بعث به إلى الصعيد، وبعث به إلى بعض البلاد العربية.
مجلة الشهاب:
وحين أصدر الإمام مجلته الشهرية العلمية الشهيرة التي سمَّاها: «الشهاب» على اسم مجلة المصلح الجزائري «عبد الحميد بن باديس»، وكان يريد أن تخلف هذه المجلة مجلة «المنار» العلمية الإصلاحية الشهيرة، التي كان يصدرها الإمام المجدد السيد محمد رشيد رضا... هنا عيَّن حسن البنا، سعيد رمضان مديرًا لهذه المجلة. وقد تزوَّج سعيد رمضان كبرى بنات الإمام الشهيد «وفاء حسن البنا» أم أيمن حفظها الله.
خروجه من مصر:
وخلال هذه المدة لم يقدَّر لي أن ألتقي سعيد رمضان، حتى حُلَّت الجماعة، واعتقل الإخوان واعتُقلت مع بعض زملائي في معهد طنطا، وقُدِّر لي أن ألقى كثيرًا من الإخوة من زملاء سعيد، مثل: مصطفى مؤمن، وحسان حتحوت، ومحمد عاكف، ومن هو أكبر منهم سنًّا، مثل: محمد الغزالي، وعبد العزيز كامل، وعبد المعز عبد الستار، وعبد الحكيم عابدين، وعبد البديع صقر، وغيرهم، ولكن لم يقدَّر لي أن ألقى سعيدًا، فقد كان خارج مصر عند حلِّ الإخوان، وظل بعيدًا عن مصر، حتى انزاحت الغمَّة، وانفرجت الأزمة، وعادت الأمور إلى طبيعتها، فرجع إلى مصر سنة 1950م.