المواطنون لا يعرفون من الدولة إلا المؤسسات الخدمية التي تقدم لهم ماءهم وكهرباءهم ، أو تمنعهما عنهم ، لا يعرفون من الدولة إلا الجهات التي ينبغي ان توفر لهم حاجياتهم وضروريات الحياة وتسهر على أمنهم ، وهم يقيسون وجود الدولة وحضورها وعدالتها بتوفر تلك الحاجيات وتلك الضروريات .
ومن أجل توفير الحاجيات وتأسيس حياة كريمة اجتمع الناس
يقول الفارابي في كتابه آراء أهل المدينة الفاضلة ( وكل واحد من الناس مفطور على أنه محتاج في قوامه ، وفي أن يبلغ أفضل كمالاته ، إلى أشياء كثيرة لا يمكن أن يقوم بها كلها وحده ، بل يحتاج إلى قوم يقوم له كل واحد منهم بشيء مما يحتاج إليه .
وكل واحد من كل واحد بهذه الحال )
والفارابي هنا يعبر بطريقته الخاصة عن مقولة أرسطو ( الإنسان حيوان مدني بطبعه ) .
والدولة هي المؤسسة التي تنظم شؤون الإجتماع وتبادل المنافع والخيرات بين الأفراد والجماعات ، وانطلاقا من هذا التصور تصبح مؤسسة طبيعية لأنها امتداد للإجتماع الطبيعي وليست مؤسسة " اصطناعية" طارئة ، كما سيتصور فلاسفة العقد الإجتماعي لاحقا .
وبدون توفير الحاجيات والضروريات ينتفي المقصد الذي من اجله اجتمع الناس .