الفكر(نواكشوط) في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منا إلى إطلاع متابعينا الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد المهتمين بميدان الزراعة، ممن عايشوا واقع الزراعة بموريتانيا، فكان من روادها الذين واكبوها طلية السنوات الماضية، نحاوره ونستجلي من خلاله ما وراء الخبر، في لقاء شامل حول واقع الزراعة بموريتانيا، إضافة إلى المشاكل التي تعترض العملية الزراعية بموريتانيا وتعيق مخرجاتها عن بلوغ الأهداف المنشودة حيث نصل إلى واقع الاكتفاء الذاتي في مجال الغذاء ونحقق الأمن الغذائي المطلوب، فأهلا وسهلا بضيفنا الكريم الأستاذ
موقع الفكر: ماتقويمكم لواقع الزراعة في موريتانيا؟
اكتوشن حمادي: كما تعلمون فإن الزراعة قطاع واعد ومر بمراحل: مرحلة التأسيس في 1963 ـ 1965 بداية تأسيس البلاد وكان ذلك في مزرعة امبوريه مع الصين، وانتهى الاستصلاح 1967م، ثم بعد ذلك مرحلة إنشاء سد فم لكيلته لأنه سد فريد من نوعه يحتفظ بكثير من المياه ويسقى مناطق شاسعة بانسيابية حتى إنه صار بالإمكان أن تشرب منه القرى المجاورة له ولم يكن الشعب آنذاك يهتم بالزراعة ولكن النظام بدا يهتم بالزراعة وبدأت الأمور تتطور شيئا فشيئا إلى أن جاءت سنة 1991 فحاول النظام الحاكم آنذاك أن يطور الزراعة و ينشئ قرضا زراعيا وفعل القانون العقاري الذي صدر سنة 1981 فأقبل الناس آنذاك على الزراعة خاصة بعد وقوع الأحداث التي حصلت في المنطقة وتبين للدولة أن الزراعة يمكن أن تسد الكثير من الفجوات التي حدثت وبالفعل حصل تطور في تلك الفترة، إلا أنه منذ 1999 حتى عام 2005 حدث تقهقر وبعض الناس واصل العمل فيها وبعضهم لم يواصل فيها ومع ذلك استمرت الزراعة، وفي سنة 2005 حتى سنة 2009 حصل مستوى من التطور واستبشرنا خيرا بحدوث الاستصلاحات وفي وسط 2009 تبخر ذلك الأمل وأوقف القرض الذي كان موجودا ومن المعلوم أنه لا يمكن أن تكون هناك زراعة من دون تمويلات وحدثت بعد ذلك بعض محاولات الإصلاحات وما زالت لحد الساعة تعاني بعض المطبات فيأتي وزير ويلغي ما كان قبله ويحاول البدء من جديد. ولكي تستمر الأمور يجب أن تكون هناك خطط خمسية أو عشرية أو سداسية والتغيير في العادة لا يطال غير منصب الوزير فيجب أن ينظر إلى الخطط وما تم منها فينظر في تقويمه وما لم ينجز يتم إنجازه وهذا ما نجم عنه مستوى معين من التخبط والوضعية الحالية من أفضل الوضعيات رغم أني ليست راضيا عنها وتستزيد منها ولكن هنالك مؤشرات فالوزارة الحالية تقول إنها ستنشئ قرضا زراعيا وتأمينا وستقوم بكهربة الضفة. الرئيس أعلن في إحدى زياراته عن انطلاق كهربة الضفة رغم أنها لم تنفذ بعد، وكانت هنالك معوقات من بينها الطريق وقد أنجز.
وفي حالة إيجاد قرض وتأمين وكهربة للضفة وتأمين وتصنيف للزراعة فإن الزراعة كفيلة بأن تنتشل موريتانيا من كل المشاكل المطروحة لها وفي حالة لم توجد هذه المتطلبات فإن الزراعة مثل باقي القطاعات فيها بعض الناس الثابتين فيها والذين يمارسون في مناطقهم ولكنها لن تعطي النتائج المرجو منها وفي الحقيقة هي تحتاج إلى تنظيم حقيقي وقد وعدنا بتحقيق كل هذه المطالب ونرجو أن تتحقق.
موقع الفكر: حبذا لو حدثتمونا عن سد فم لكليته؟
اكتوشن حمادي: سد فم لكليتهْ هو سد فريد من نوعه في المنطقة رغم محدودية معلوماتي عنه، وأتذكر أن الشركة التي أنجزته أفلست بعد ذلك لكثرة ما أنفقت فيه من الأموال، ويخزن هذا السد الكثير من المياه ولكن الأراضي المحاذية له فسدت بسبب عدم استغلالها وكان من المفترض أن يزرع فيه الأرز ولم يعد يزرع من أراضي السد الصالحة للزراعة إلا مائة أو مائة وخمسين هكتارا، وكان من المقرر أن تستغل اراضي السد في مشروع لزراعة قصب السكر ولكن ذلك المشروع تلاشى، ومن طبيعة الأرض أنها إذا مكثت عاما أو عامين دون استغلال تتغير بنيتها وتنبتها الأشجار والأعشاب الضارة، والدولة تفكر في أن تسقي منه القرى التي تقع بالقرب منه.
موقع الفكر: ماذا عن مشروع بگمون الذي دشنه الرئيس عزيز؟
اكتوشن حمادي: ذلك مشروع يسمى بمشروع بكمون ورغم أنه كان محجة لكل الناس وأنفقت فيه قرابة 9 مليارات، فلم يبق منه أثر بعد عين ولا يسكنه اليوم إلا الحيوانات المتوحشة وإعادة ترميمه ستكلف نفس المبلغ أو أكثر وهناك مشروع آخر يسمى "الدخلة" وكلاهما تلاشى لأن استصلاحهما رديء إلى أقصى درجة وأصرت الوزارة القائمة آنذاك على ضرورة أن تزرع فيها حملة حتى يكون تسلمه مبررا وأنه قيمت فيه واحدة وتوقف.
موقع الفكر: ماذا عن قناة آفطوط الساحل؟
اكتوشني بن حماد : قناة جيدة وأتت إلى مناطق كانت تحتاج وزرعت بها كانت مهجورة ولا أستطيع الحديث عن عدالة تقسيمها من عدمه لأن بعضها كان و أغلبها مشروعات سبق وأن وزعت في السبعينات وكانت نواة لمشروع عراقي وهي عبارة عن مشروع شق قناة من النهر إلى منطقة أكجوجت ولكن المشروع توقف في مهده بسبب المشاكل التي تعرض لها العراق ومدت منه قناة لسقاية بعض المشاريع الزراعية، ومن يستطيع تقييم عدالة التقسيم هي الدولة لأنها هي من يحدد المعايير التي يتم على أساسها التوزيع وأظن أن كل من تقدم بطلب وكان يستحق الحصول على قطعة أرض فسيناله.
موقع الفكر: ماذا عن إمكانية شق تلك القناة في المستقبل حتى تصل إلى ولايتي انشير و آدرار؟
اكتوشني بن حماد : النهر أقيمت عليه كما قلت لكم سابقا فإن العراق كان لها مشروع عبارة عن نهر يمتد من النهر إلى مدينة أكجوجت وكان المقرر أن يكون قناة في البداية حتى يقترب من نواكشوط، أجري عبر أنابيب ثم إذا تعداها أعيد إلى القناة، وأعرف أن المحيط الأطلسي تصب فيه سنويا مليارات المترات المكعبة من المياه خوفا على سد جاما وإذا كان هناك فرع من النهر تصرف إليه هذه المياه فسيكون مفيدا ولكن هذا النوع من المشاريع عملاق وتكلفته المادية كبيرة وأنجزت منه نماذج كما حدث في ليبيا في النهر الصناعي العظيم ولكن من الممكن تحقيقه إن توفرت الإدارة والوسائل يمكن أن ينجز.
موقع الفكر: ماذا تتوقعون للحملة الزراعية الحالية؟
اكتوشن حمادي: أتوقع أنها متوسطة ونحن المزارعين منذ سنوات نقول إن حملة الخريف أصبحت أنقص من الحملة الصيفية وعلى كل حال الوقت ما زال مبكرا للحديث عن الحكم عليها ولا يمكن أن تقوم إلا بعد 15 من الشهر العاشر لأن المشكلة في الآفات الزراعية والتغلب عليها من عدمه هو مؤشر النجاح.
موقع الفكر: ماذا وفر من الحاصدات وغيرها؟
اكتوشن حمادي: أظن أن هناك شركة وفرت 34 حاصدة من قبل شركة جديدة أسسها رجال الأعمال وللدولة فيها نصيب والحاصدات لا أرى أنها تشكل مشكلة إن سارت الأمور بشكل طبيعي والمشكلة ليست في الحاصدات لأن هذه الحملة لا تضايقها الأمطار عكس الحملة الصيفية والمهم هو المحافظة عليها من الآفات كالطيور وغيرها.
موقع الفكر: ماذا عن الزراعة في البيوت المحمية، وهل يمكن أن تؤمن حاجة نواكشوط من الخضروات؟
اكتوشن حمادي: بالتأكيد أنها تستطيع أن تؤمن الحاجيات ولكنها مكلفة وتحتاج إلى وسائل، فلا بد لها من قروض ووسائل بل يمكن أن نصدر لأوربا من خلالها ولكنها مكلفة ماديا وتقنية من حيث إنشاء البيوت الزراعية وإذا ما أنشأت فيمكن أن تصدر موريتانيا الخضروات إلى مختلف دول العالم.
موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟
اكتوشن حمادي: أشكركم على اهتمامكم بالقطاع وأطالبكم وأطالب وسائل الإعلام أن تهتم به قدر اهتمامكم به وأطالب السلطات العمومية أن تهتم به لأنه خطاب واعد ويجب أن توضع له استراتيجيات واضحة المعالم وأن تطبق في كل مرحلة منها جزء وتلزم قيادة البلد وزراء الزراعة بتطبيقها بغض النظر عن تغيير الوزراء بلدا من أن يلغي كل وزير الب
برنامج الذي وجد أمامه ويبدأ من جديد.