أعلنت الجزائر أنها ستحصل على 24 طائرة مُسيَّرة صينية، يأتي هذا تزامناً مع تلقي المغرب أول شحنة من مُسيَّرات "بيرقدار تي بي 2" تركيَّة الصنع. فيما يرى فيه مراقبون سباقاً مفتوحاً نحو التسلح بين البلدين يضاف إلى التوتر بينهما.
منذ شهور عديدة يخوض المغرب والجزائر سباقاً مفتوحاً نحو التسلُّح، يسعى كل واحد منهما لتعزيز قدراته العسكرية وتطويرها بأسلحة جديدة. هذا ما تكشف عنه صفقات التسليح الأخيرة التي يجريها البلدان. كما ترجعه تحليلات إلى كونه التمثل العسكري لتصعيد دبلوماسي بينهما منذ أن عمد الجيش المغربي إلى تنفيذ عمليات بمنطقة "الكركارات" (جنوبي البلاد) لطرد عناصر من جبهة البوليساريو من المعبر الحدودي الذي حاولت قطعه.
في هذا الإطار أعلنت الجزائر حصولها مستقبلاً على طائرات مُسيَّرة صينية من طراز "وينغ لونغ 2"، تزامناً مع استقبال المغرب أول دفعة من طائرات "بيرقدار تي بي 2" المُسيَّرة تركيَّة الصنع. كما تواردت صور عن تسلم الجيش الشعبي الجزائري بطاريات الدفاعات الجوية الروسية S-400، مقابل ذلك تحدَّثت تقارير عن إبرام المغرب صفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل اقتناء صواريخ JSOW. فيما يؤكد سباق التسلُّح بين البلدين الجارين.
سباق الطائرات المُسيَّرة
حسب تقرير لموقع "مينا ديفانس" المتخصص في الأخبار العسكرية فإن الجزائر ستعزز أسطولها الجوي بـ24 طائرة مُسيرة صينية الصنع من طراز "وينغ لونغ 2". إذ ستحصل على دفعتها الأولى خلال الشهور القليلة القادمة فيما يجري تسليم البقية سنة 2022، يورد التقرير.
من ميزات هذه المُسيرة أنها تتفوق على نظيرتها الصينية الأخرى "سي إتس 4" التي تمتلكها الجزائر منذ خمس سنوات، كما تقترب في قدراتها من المُسيرة الأمريكية "إم كيو 9" لكن ثمنها أقل بخمس مرات إلى سبع. وتؤدي مهمات الحراسة والرصد الجويين بجانب عمليات استهداف دبابات ومدرعات واغتيال أفراد. ويذكر تقرير آخر لجريدة القدس العربي أن "هذه الطائرات هامة للغاية للقوات الجوية الجزائرية بخاصة لمراقبة منطقة الجنوب الجزائري والساحل ونسبياً الحدود مع المغرب"، إضافة إلى رهان الجزائر على المشاركة في تأمين منطقة الساحل بعد الانسحاب الفرنسي منها.
فيما تأتي هذه الصفقة الجزائرية متزامنة مع استلام المغرب دفعته الأولى من مُسيَّرات "بيرقدار تي بي 2" وفق اتفاق بـ80 مليون دولار يتضمن توريد 13 طائرة من مُصنِّعها التركي. كما عبَّر المغرب عن نيَّته اقتناء النسخة المطوَّرة من هذا السلاح الجوي، "بيرقدار تي بي 3"، مستقبلاً عند عرضها للبيع كما تعتزم تركيا ذلك سنة 2023.
ويرجع التفضيل المغربي للمُسيرات التركية إلى أدائها الجيد في الحروب الأخيرة التي خاضتها في ليبيا وسوريا وقره باغ، وقدرتها على تلبية حاجياته التكتيكية والاستراتيجية. كما يعدُّ سعرها أرخص بكثير من مثيلاتها الأمريكية والإسرائيلية، ولا تفرض تركيا شروطاً على عملائها ولا تتأخر في التسليم على غرار السلاح الأمريكي والفرنسي.
هذا وتعتبر "بيرقدار تي بي 2" أول مُسيَّرة مسلَّحة تدخل إلى الخدمة في القوات الجوية المغربية، بعد خضوع عسكرييها لبرنامج تدريبي في تركيا خلال الأسابيع الماضية. فيما تورد تقارير بداية استخدام المغرب الطائرات المُسيرة في عمليات عسكرية موجهة رداً على محاولات توغل مقاتلي جبهة البوليساريو في إقليم الصحراء. إذ نقل سابقاً موقع "لوديسك" المحلي ما سمَّاه "عملية مركبة" اغتالت بها القوات المغربية قائد "سلاح الدرك الوطني" في جبهة بوليساريو الداه البندير في 7 أبريل/نيسان الماضي، استخدمت فيها طائرة مُسيَّرة غير مسلحة من طراز "هارفانغ" إسرائيلية التصميم.
ويضيف الموقع أن المُسيَّرات الإسرائيلية حددت الهدف بواسطة "محدد مدى ليزري" ثم تولت طائرة مقاتلة "تنفيذ الضربة". معتبراً أن "أن المغرب بدأ ضربات موجهة مثل الولايات المتحدة وإسرائيل في منطق الرد على محاولات توغل بوليساريو".
على مستوى آخر من السباق على امتلاك المُسيرات، أعلنت إسرائيل إنشاء أول وحدة تصنيع مسيَّرات "كاميكاز" بتعاون مغربي-إسرائيلي في المغرب، في خطوة تأتي تنفيذاً لبند تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين البلدين وفق اتفاق التطبيع الذي وقَّعته المملكة مع تل أبيب.
هذا، وفي يوليو/تموز الماضي كشف رئيس البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية في المغرب دافيد غوفرين في تغريدة له على توقيع اتفاقية تقضي بإقامة تعاون في "البحث والتطوير ومجالات عملياتية في السايبر" مع المغرب. كما كانت المديرية الوطنية الإسرائيلية للفضاء الإلكتروني أعلنت سابقاً في ذات الشهر أن رئيسها التنفيذي ييغال أونا وقَّع اتفاقية تعاون مع السلطات المغربية تهدف إلى مساعدة الشركات الإسرائيلية على بيع المعرفة والتكنولوجيا.
صواريخ ودفاعات وغواصات ومناورات
في امتداد لسباق التسلُّح كشفت صور تداولتها صفحات جزائرية ما قيل إنه وصول منظومة الدفاع الجوي الروسية S-400 إلى البلاد. إذ يُعتقد منذ سنوات وجود قاعدة عسكرية جزائرية تشمل بطاريات S-400، أو على الأقل نسختها السابقة S-300، فيما يخلّف اقتناء الجزائر هذه المنظومة قلقاً كبيراً لدى جيرانها سواء المغرب أو دول جنوب أوروبا مثل إسبانيا وفرنسا وإيطاليا.
وفقاً لهذا القلق أفادت تقارير سابقة بأن مناورة "الأسد الإفريقي" التي أجرتها القوات المغربية والأمريكية في يونيو/حزيران الماضي تضمَّنت محاكات لعمليَّة تدمير قاعدة S-400 شاركت فيها القاذفة الأمريكية من طراز "بي 52".
من جهة أخرى ولتعزيز قدراتها الصاروخية أورد موقع "ديفانسا" المتخصص في الشؤون العسكرية المملكة المغربية عقدت صفقة مع وزارة الدفاع الأمريكية لشراء صواريخ "JSOW" التي يمكن استخدامها بواسطة السفن والطائرات الحربية وطائرات "F-16"، التي يمكن لمداها أن يصل إلى 550 كيلومتراً. الجزائر هي الأخرى عمدت إلى تعزيز منظومة دفاعها البحرية، حسب ما أورد موقع "مينا ديفانس"، بمنظومة صواريخ "بال إي" المحدَّثة التي يصل مداها إلى 280 كيلومتراً، وتتضمن كذلك راداراً متنقلاً. إضافة إلى منظومة صواريخ "سي إم 320" الصينية التي يبلغ مداها 300 كيلومتر، وهي قادرة على إغراق هدف وزنه 5000 طن بإصابة واحدة.
هذا وينوي المغرب استكمال دائرة تسليحه البحري بغواصات ستكون الأولى ضمن أسطوله، فيما تفيد مصادر إعلامية باهتمامه بغواصة "سكوربين" فرنسية الصنع لشركة "نافال غروب". بالمقابل تبحث الشركة المذكورة عن زبائن جدد من أجل تخفيف صدمة فسخ أستراليا عقد غواصاتها. ويرجع الاهتمام المغربي بالشركة المذكورة إلى أنها استثمرت في إنشاء حوض لصيانة القطع البحرية العسكرية بميناء الدار البيضاء، هو ثاني منشآتها المعدَّة لهذا الغرض في المغرب. كذلك فإن المغرب سبق له أن اقتنى من المجموعة الفرنسية "الفرقاط محمد السادس" التي تعد أهم قطعة في أسطوله البحري. نقلا عن موقع TRT