هوامش على أحداث اركيز/ الدكتور سيدي محمد بن بدي

هوامش على أحداث أركيز 
أثارت الأحداث التي وقعت الأسبوع المنصرم بمدينة أركيز جدلا بين المتابعين للشأن العام حيث قيمها كل متابع من الزاوية التي ينظر منها للنظام تأييدا ومعارضة ومع أن التحليل العلمي للأحداث يقتضى أن ننظر للأشياء نفسها وأن ننظر إلى الأسباب والنتائج بعين محايدة إلا أن أغلب المحللين الوطنيين ظلوا في الغالب أسرى في تحليلهم للأحداث لمواقفهم من النظام وبما أنى شخصيا أصنف نفسي فى المنزلة بين المنزلتين أرى أنى قد أكون قادرا على تحليل الأحداث من وجهة نظر أكثر حيادية ، وبناء على ذلك أقدم الهوامش التالية على هذه الأحداث:
1 شكلت الأحداث مفاجئة لجميع الفاعلين السياسيين حيث أن المعارضة التي  تعيش بياتا شتويا منذو مغادرة الرئيس السابق للحكم بدت وكما أن الأحداث تجاوزتها ليتحول الشارع غير المؤطر لمحرك وقائد لنفسه وهو ما حول هذه الإحتجاجات من احتجاجات سلمية مشروعة إلى احتجاجات غوغائية عاث أصحابها في الممتلكات العامة والخاصة فسادا .
2  أرسلت الإحتجاجات رسالة للقائمين على الشأن العام مفادها أن الشارع بدأ يتحول إلى شارع حيوي يتفاعل مع الأحداث ويتأثر بها وأن سكان المدن الداخلية لم يعودوا راضين بتردى الخدمات من كهرباء ومياه .
3 فشل المنتخبين والوجهاء المحليين في التحكم في الشارع من ما يمثله ذلك من تهديد لمكانة هؤلاء محليا ولدى النظام الذي أصبح مطالبا بالتخلي عن السياسات السابقة القائمة على الإعتماد على هؤلاء في توجيه الشارع وضبطه وتطوير  سياسة جديدة   للتعامل مع الشارع.
4 أبانت الأحداث عن قصور كبير في السياسة الأمنية حيث أن أمن مقاطعة من أكبر مقاطعات البلد كان متروكا لبضعة جنود من الحرس والدرك  بدو عاجزين عن أي تحرك أمام مجموعة محدودة  من المتظاهرين .
5 أبانت الأحداث أن الجهات الوصية على المصالح الموجودة في الداخل لم تكن تلعب أي دور رقابي على مصالحها وهو سبب التقصير الكبير من قبل من يديرون هذه المصالح .
أما ردود الأفعال على هذه الأحداث فيمكن أن نستنتج منها الإستنتاجات التالية:
1 حمل عزل جميع القائمين على المصالح الجهوية رسالة مؤداها أن النظام أصبح يستمع إلى الشارع خلافا لما كان الحال عليه سابقا حيث كانت السياسات الحكومية حريصة على عدم التعاطي مع الإحتجاجات انطلاقا من أن أي إستماع للشارع سيشجع على مزيد من الاحتجاجات. 
2 حمل عزل هؤلاء رسالة للمسؤولين الجهويين مؤداها أن وظائفهم في خطر وأن أي مسؤول يقصر في عمله سيكون معرضا للعزل.
3 حمل عزل هؤلاء اعترافا ضمنيا بأن الإحتجاجات كان لها ما يبررها.