في السجن الحربي بعد الحل الأول:
ثم ازداد هذا التعارف أكثر حين ضمّنا السجن الحربي في عهد الثورة، في الاعتقال الأول يناير 1954م، وخصوصًا في الفترة التي سمحوا لنا فيها بفتح الزنازين، والتلاقي فيما بيننا. وهناك تعرّفت أكثر على عبد الحليم، الذي عرفت منه أنه تخرج في قسم التاريخ من كلية الآداب بدرجة مقبول! وعرفت منه أنه ليس ممن يحسن الإجابات في الامتحانات الرسمية؛ ولذا نجح بـ «مقبول»، ولكنه يحسن البحث في المصادر، والمناقشة العلمية في قضايا الفكر المختلفة. وهذه هي المرحلة الثانية.
في قطر:
أما المرحلة الثالثة، فهي التي بدأت بإعارتي إلى قطر، مديرًا للمعهد الديني الثانوي هناك، وكان عبد الحليم قد سبقني، وقد عمل من قبل نائبًا لمدير المدرسة الثانوية الوحيدة بالدوحة، ثم مديرًا لها، ثم ترك الإدارة واكتفى بالتدريس. وكان يدرس المواد الاجتماعية: الجغرافيا والتاريخ، وله طريقته المتميزة في التدريس وابتكاراته الخاصة، وكان هو المدرس الأول، فكان يتعامل مع زملائه بروح الأخوة المحببة، وكان كل زملائه يحبونه ويعتبرونه الأب الروحي لهم.
تقارب عقلي وقلبي وأسري:
كان قريبًا إلى عقلي وقلبي، وكنت قريبًا إلى عقله وقلبه. وكانت أسرتي وأسرته تلتقيان وتتفاهمان ولا حاجز بينهما. وقد رُزق بامرأة تعدّ قرة عين لصاحبها، يضرب بها المثل في الوفاء، ومكارم الأخلاق مع الزوج والأصدقاء، وقد انعقدت الصداقة بينها وبين زوجتي، كما انعقدت بين بناته وبناتي، ولا تزال إلى اليوم














