تحرُّره من قيود العمل الوظيفي:
ومع أن عبد الحليم في قطر، كان ملء السمع والبصر، فوجئنا بأنه يفكر في الاستقالة من عمله، وترك قطر ووظيفته فيها، التي يتطلع إلى مثلها كثيرون، وكانت حجته أنه يريد أن يتحرَّر من قيود العمل الوظيفي، ليتفرغ للبحث العلمي، وقد أصبح لديه من مدخراته ما يكفي لإقامة مشروع تجاري يتعيش منه، وينطلق هو في مجاله. وحاول كثيرون أن يثنوه عن عزمه، واعتبره آخرون مجازفًا بمستقبله، ولكنه كان قد اختار طريقه، وصمَّم عليه: أن ينشئ دار نشر في الكويت، تدرُّ عليه دخلًا مناسبًا، ينفق منه على نفسه وعلى مشروعاته العلمية، ويشتغل هو نفسه بالبحث، وعنده أدواته.
مشروعاته العلمية:
وكانت لديه مشروعات علمية أو فكرية، يريد أن يبدأ بها، أهمها: موضوع المرأة في الإسلام، ورسالتها فيه، وموقفها من الرجل وموقف الرجل منها. وقد بدأ يجمع المادة في هذا الموضوع من مظانها المختلفة. وكان يرى أن يكتفي من المصادر بالقرآن و«الصحيحين»: البخاري ومسلم، وإن لم يمنعه ذلك من الاستفادة - في بعض الأحيان - من كتب السنن الأخرى، مثل: «موطأ مالك»، و«مسند أحمد»، و«السنن الأربعة»، وغيرها.
وقد ظل نحو عشرين سنة يعمل في إعداد الكتاب، وكلما فرغ من فصل منه عرضه على عدد من إخوانه الذين يثق برأيهم ونصحهم. وكنت من هؤلاء، بل في مقدمتهم، فقد كان شديد الحرص على أن يُطلعني على كلِّ ما يكتبه، ويسمع رأيي فيه، ويناقشني وأناقشه، ولا سيما إذا اختلفت وجهة نظرنا، وذلك في أمور قليلة، فكان إما أن يقنعني فأتنازل، أو أقنعه فيتراجع، وهو صبور على المناقشة والمراجعة مرة بعد مرة.
وكنت أحيانًا أقول: هل يكفي قراءة فلان وفلان لهذا الفصل، فيقول: لا يكفي، قراءتهم سنة، وقراءتك فرض.














