أحداث الركيز: الدرس الذي يجب أن تتعلمه السلطات../ الحسين محنض

عندما اندلعت أحداث الركيز كنت مريضا فلم أعلق عليها في حينها، لكنها ظلت تشغل بالي لأنها تمثل جرس إنذار حقيقي لا أحب لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلا أن يفهمه..

الأمر في ظاهره يتعلق بنقص في الكهرباء لكنه في حقيقته يتعلق بشيء أعمق من ذلك إنه شعور المواطن بالاحتقار أينما حل لقضاء معاملة أو حل مشكلة تتعلق به لدى الدولة أو المؤسسات التابعة لها.. المواطن لا ينفجر بسبب فقد شيء ما كان يرجوه لدى سلطاته إلا إذا شعر مع هذا الفقد بالاحتقار سواء على شكل إهانة أو ازدراء أو ظلم أو رشوة أو لامبالاة من طرف من يفترض أنهم في خدمته، وهذا الاحتقار يا فخامة الرئيس يحس به المواطن اليوم أينما حل من هذه الجمهورية.. في الحالة المدنية، في المستشفيات العمومية، في الإدارات العمومية، في المرافق الحكومية جميعها بلا استثناء ولا ينبئك مثل خبير يا فخامة الرئيس…

لقد أعلنت السلطات أوائل فترة حكمكم عن مشروع "خدماتي" لكنه لم يتعد إدارات محدودة بادئا النقل والإسكان، ثم سرعان ما تحول إلى بيروقراطية مقيتة، فالمعاملة التي كانت تنجز في ساعات أصبحت مع خدماتي تحتاج إلى أيام أو أسابيع مما جعل المواطن يضطر للوساطة أو الرشوة لتسريع ما أبطأته خدماتي..

اليوم فخامة الرئيس لا يستطيع مواطن لا يملك وساطة أو يدفع رشوة حل أي مشكلة تتعلق بالماء أو الكهرباء أو الحالة المدنية أو الاستطباب أو العقارات أو غيرها إلا مع كثير من التعب والشعور بالذلة والمهانة… وهذا يا فخامة الرئيس هو الشعور الباطني الذي جعل الناس تنفجر في الركيز تعبيرا عن إحباطها المتزايد.. ولا شيء يا فخامة الرئيس سيمنعها من الانفجار مجددا هنا أو هناك ما لم تبادروا إلى تغيير سلوك السلطات والإدارات اتجاه المواطن في أسرع وقت.. أعرف أنكم أعطيتم التعليمات مرارا في هذا الصدد لكن الأمر يحتاج إلى آلية وليس مجرد تعليمات قبل أن يحدث انفجار لا تمكن السيطرة عليه…