اللغة في نظامنا التعليمي/ المصطفى اكليب

تعتبر مسألة اللغة في نظامنا التعليمي بمثابة  العبوة الناسفة التي يخاف الجميع أن تنفجر دون أن يتحكموا في نتائج ذلك الإنفجار . 
ولو تركت مسألة اللغة للتربويين وخبراء التعليم لربما وجدوا تصورا لتلك المسألة يأخذ بعين الاعتبار ابعادها المختلفة .
إلا أن تشابك العوامل وتداخل المسارات جعلت هذه المسألة من المحظورات والتابوهات التي ينبغي السكوت عنها أو معالجتها بطريقة المهدئات والمسكنات . 
وفي هذا الإطار فإن المنافسة تدور أساسا بين اللغة العربية التي تمثل العمق الحضاري لهذا البلد ، لغة الدين والهوية وبين واللغة الفرنسية التي تمثل لغة الإدارة والنخبة التي تركها المستعمر في منصب الخلافة . 
وقد كان للتعريب المرتجل والذي فهمت منه أطراف سياسية وعرقية أنه موجه ضدها دور في المأزق اللغوي الذي لا يزال يعيشه نظامنا التعليمي حتى الآن .
كما أن النخبة الفراكوفونية ترى أن وجودها ممسكة بمفاصل الإدارة يتوقف على بقاء الفرنسية لغة مهيمنة سائدة .
وقد استطاعت تلك النخبة أن تقنع بعض مكونات هذا المجتمع أن وجودها وبقاءها مرتبط ببقاء اللغة الفرنسية لغة حاضرة وفاعلة في كل السياقات في هذا البلد . 
لقد تم  اختزال كل مشاكل نظامنا التعليمي في مشكل اللغة .
لقد نسينا البرامج والمناهج ، نسينا البنية التحتية وأهداف التعليم ، وظروف المدرسين ، نسينا تحديد مواصفات المدرسة التي نريدها ، نسينا دور التعليم في تحقيق الوحدة الوطنية ودوره في التنمية ودوره في تحقيق تربية إسلامية سليمة ودوره في ترسيخ قيم حقوق الانسان في نفوس المتعلمين ....إلخ نسينا كل شيء ، نتيجة لانشغالنا بمشكلة اللغة . 
وسبب هذا النسيان أن البعض يريد أن ينقل الصراعات السياسية والاجتماعية إلى مجال التربية والتعليم ، متخذا من مشكلة اللغة واجهة لذلك الصراع .
مع أنه من  المفترض أن يكون مجال التربية مجالا لتعزيز المشتركات ، وتدعيم الثوابت وتقويتها . 
وفي هذا الإطار فإن الأيام التشاورية القادمة يمكن أن تمثل مرحلة حاسمة بالنسبة لنظامنا التربوي ، إذا تم طرح كل المسائل الجوهرية على بساط البحث وتم تناولها بشكل علمي موضوعي ، وفي الوقت نفسه بشكل صريح و دون مواربة . 
ومن الشروط الأساسية لنجاح هذه الأيام المنتظرة أن يتم تمثيل النقابات والمجتمع المدني والخبراء والنشطاء الفاعلين في مجال التعليم ، وآباء التلاميذ والأحزاب السياسية دون إقصاء أو تهميش ، بل ينبغي أن يعكس الحضور المجتمع بكل مكوناته ، لأن التعليم يعني الجميع ولذلك ينبغي أن يمثل فيه الجميع .