في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منا إلى إطلاع متابعينا الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر، نلتقي اليوم مع أحد القامات السياسية ممن لهم إلمام بواقع السياسة في موريتانيا، نحاوره ونستجلي من خلاله ما وراء الخبر.
ضيفنا اليوم هو رئيس حزب " حاتم"، صالح بن محمدو بن حنن.
موقع الفكر: ما الجديد في موضوع الحوار السياسي ؟
الرئيس صالح بن حنن: الجديد الآن هو أن كل الأطراف السياسية خاصة تلك التي كانت لديها بعض التحفظات أعربت عن استعدادها للدخول في الحوار وبالتالي لم يبق إلا الدخول في الترتيبات العملية لبدء هذا الحوار.
موقع الفكر: من وجهة نظركم ما هي أهم الأمور التي ينبغي أن يتطرق لها الحوار؟
الرئيس صالح بن حنن: الحقيقة أن لدينا تراكمات من المشاكل على مدى عشرات السنين وكلها مشاكل مهمة، وما هو مهم بالنسبة لجهة ما قد يكون أقل أهم بالنسبة لجهة أخرى، ولكن كلها مهم ونأمل أن يتعرض الحوار لكل هذه القضايا وأن نخرج من هذا الحوار أكثر تماسكا ووحدة وثقة في بعضنا بعضا.
موقع الفكر: هل سيتناول الحوار موضوع ترسيم اللغة العربية في الإدارة والتعليم وكذا توزيع الثروة، والتقطيع الإداري، والحكامة الرشيد، وحكومة وحدة وطنية؟
الرئيس صالح بن حنن : أرجو ألا نستبق الأحداث، والسيناريو الذي تتجه إليه الأمور في تنظيم الحوار يتمثل في تنظيم لقاء عام للطيف السياسي وهذا اللقاء سيختار لجنة، وهذه اللجنة هي من سيكلف بتنظيم مواضيع الحوار وتبويبها وبالتالي أرجو ألا نستبق ذلك وبالتأكيد هنالك مواضيع مهمة منها موضوع الوحدة الوطنية وموضوع الإصلاح السياسي وموضوع الحكامة الاقتصادية ومحاربة الفساد، ولكن اللجنة التي ستشكل هي من سيحدد المواضيع بالتفصيل وورشاته وأرجو ألا نسبقها لأن أي عمل إجماعي اتفاقي ليس كرأي أي شخص مهما كانت مكانة ذلك الشخص.
موقع الفكر: في بلد غير مستقر كبلدنا هل أنتم مع فتح المجال لتغيير الدستور ام لا؟
الرئيس صالح بن حنن : المقام ليس مقام التعبير عن مواقف شخصية وما نرجوه هو أن نخرج من هذا الحوار بما هو محل اتفاق ،محل إجماع، وأما ما لم يكن كذلك فبالتأكيد لن يكون ضمن مخرجات الحوار وبالتالي مهما كانت المواقف الشخصية من هذه القضية أو تلك فيجب أن تترك ذلك للحوار حتى نعرف هل هو ضمن المواضيع التي ستصار في الحوار، الذي أكد رئيس الجمهورية على أنه سيناقش كل المواضيع بدون خطوط حمراء لنعرف ما سيكون موضوع اتفاق وما لم يكن كذلك، وبالتالي أرى أن المجال ليس مجال التعبير عن مواقف شخصية ويجب أن نتركها لورشات الحوار التي ستنظم لاحقا.
إذا كان هنالك إجماع على تغيير الدستور لن أكون ضده ورأيي الشخصي أحتفظ به لنفسي حتى أدلي به في ورشات الحوار وليس قبل ذلك لأن ذلك يعتبر سابق لأوانه ولكن المؤكد والأساسي أن ما كان موضع إجماع هو محل ترحيب بالنسبة لكل الموريتانيين وما كان غير ذلك سيكون متروكا لفرصة أخرى وهذا وحده ما يضمن أن نستغل هذه الفرصة حتى لا تضيع علينا.
موقع الفكر: ما الذي يميز هذا الحوار عن الحوارات السابقة؟
الرئيس صالح بن حنن : الحقيقة أن الحوار الوحيد الجدي هو ما نظم في الفترة الانتقالية 2005 وبعد ذلك كانت مسرحيات يقوم بها النظام لإخراج بعض شطحاته وكان جل الطيف السياسي مقاطعا لتلك الحوارات وبالتالي لم تكن حوارات جيدة ولو كانت كذلك لما كنا في الحال الذي نحن فيه الآن، ولم تتناول تلك الحوارات القضايا الجدية ولم تكن تعبيرا جيدا عن استجابة ضرورية لمتطلبات سياسية ووطنية وكانت مجرد مسرحيات قام بها النظام من أجل مخرجات معينة كان يريد إخراجها.
موقع الفكر: هل توافقون على أن البلاد تعيش على وقع ازمات اقتصادية متفاقمة، ممايؤثر سلبا على حياة المواطنين؟
الرئيس صالح بن حنن :أرى أن هنالك سببين رئيسين لما يؤخذ على الوضعية الحالية السبب الأول ما عاشه البلد من فساد خلال السنوات الماضية وآثاره بدأت محسوسة وستظل كذلك ما لم تعالج بشكل جيد والسبب الثاني هو جائحة كوفيد 19 التي ضربت العالم ونحن لسنا بأمن من ذلك وشملت تآثيراتها مختلف مناحي الحياة ولا يمكن لأي مكاب أن ينكر ما قامت به مندوبية تآزر من محاولة تخفيف معاناة فئات كثيرة من الناس، حيث وزعت مبالغ نقدية كبيرة ووفرت عشرة آلاف فرصة عمل للشباب، لكن يبقى بالفعل ما يؤرق المواطن العادي وهو ارتفاع الأسعار أعتقد أنه جزء من تأثيرات كوفيد 19 لأن هنالك ارتفاع عالمي للأسعار ناجم من ارتفاع تكاليف الإنتاج والنقل ونحن جزء من ذلك وحاولت الإجراءات التي قامت بها الحكومة التخفيف من ارتفاع الأسعار ووفقت إلى حد ما في تخفيف معاناة البعض ولكن لا يمكن أن ننتظر في ظرف سنتين حل كل المشاكل علينا أن نصبر حتى تجاوز هذه المحنة.
موقع الفكر: من المعلوم أن أسعار الحديد تضاعفت٥ مرات وارتفعت عائدات البلاد من الصيد في وأعفيت البلاد من بعض الديون وبالتالي كانت كوفيد بالنسبة لنا منحة في ثوب محنة لو أنها استغلت استغلالا حسنا ولكن المشكل الأكبر هو عدم زيادة رواتب الموظفين، ما رأيكم ؟
الرئيس صالح بن حنن: إن موضوع الرواتب موضوع شائك ويتطلب موارد كبيرة ولا أظن أنه سيجد متنفسا قريبا قبل استغلال الغاز وقد حصلت في السنة الماضية زيادة معتبرة وحصلت مؤخرا زيادة في مرتبات عمال التعليم والصحة وأعتقد أن الوتيرة في ازدياد حتى تصل المستوى المطلوب ولكن في ظني أنها لن تتوفر لها الموارد الكافية والضرورية قبل الدخول في استغلال الغاز 2023.
موقع الفكر: هل سيكون موضوع اللغة العربية والتعليم ضمن الحوار؟
الرئيس صالح بن حنن: موضوع التعليم واللغة العربية يطرحها الكثير من الناس وهم محقون في ذلك والغائب الآن تطبيق ما هو مدستر والمادة السادسة تقول إن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للبلاد وليس من المقبول ولا من المنطقي بأي شكل من الأشكال أن تبقى خارج دوائر الدوائر الحكومية ، خارج المؤسسات العمومية وهذه مخالفة صريحة للدستور وبالتالي فالموضوع ليس مطروحا لأنه حسم دستوريا فالموضوع مطروح إجرائيا.
موقع الفكر: هل تتوقع أن تأخذ الحكومة هذا الموضوع على محمل الجد؟
الرئيس صالح بن حنن: هذا ما نأمله ونرجوه ونتوقعه، وإدراجه في الحوار ليس من باب الدسترة ولكن من باب الحرص على تطبيق المادة الدستورية فقط.
موقع الفكر: في فترات ماضية كان الناس يدرسون باللغة العربية ولكن العمل في الوظيفة العمومية كان باللغة الفرنسية والآن صار التدريس باللغة الفرنسية والعمل باللغة الفرنسية والتدريس بها فأيهما خير؟
الرئيس صالح بن حنن: من المفروض أن تكون لغة العمل هي اللغة الرسمية التي ينص عليها الدستور وما سوى ذلك فهو مخالفة دستورية والمطلوب الآن هو مواءمة التعليم ومقتضيات الدستور لأن لدينا مشكلة كبيرة وهي أن المواد العلمية تدرس باللغة الأجنبية وأثبتت التجارب أن تدريس المواد باللغة الأم أكثر فائدة على المتلقي والمستفيد، وهذا الموضوع سيطرح بالتأكيد فيما يتعلق بإصلاح التعليم وبالتالي أرجو أن نوفق في إصلاح هذه الوضعية.
موقع الفكر: النسب الكارثية للنجاح في الامتحانات الوطنية هل تعود إلى جدية وصرامة في التفييم،أو إلى فشل المنظومة التعليمية؟
الرئيس صالح بن حنن: أعتقد أن موضوع التعليم وصل إلى أعلى مستويات الأزمة والفساد ، والآن هنالك جهود حقيقية بذلتها وزارة التعليم ، وهذه الجهود لا يمكن أن تعطي أكلها خلال سنة أو سنتين ولكن سيستمر هذه الجهود من خلال التشاور الفني الجاري حاليا وسيرفد لاحقا ببعض مخرجات التشاور الوطني ونرجو من خلال ذلك أن توضع اللمسات الأخيرة من أجل من أجل إصلاح استراتيجي لقطاع التعليم الذي يحتاج إصلاحا حقيقيا على جميع المستويات سواء على الموارد البشرية والمناهج وسواء على مستوى المتابعة والتقييم.
موقع الفكر: تحدث النظام عن المدرسة الجمهورية وما زال الأبناء يدرسون في المدارس الخصوصية بأسعار مرتفعة فأين المدرسة الجمهورية؟
الرئيس صالح بن حنن: مشكلتنا أننا دائما ما نكون في عجلة من أمرنا والأمور المتعلقة بالبلد والوطن لا يمكن أن توجد لها نتائج خلال سنة أو سنتين ولكن هنالك خطوات حقيقية يقام بها داخل وزارة التعليم والمتتبع لما يجري داخل الوزارة يحس بها ولكنها يمكن أن تعطي نتائجها خلال سنة أو سنتتين وهي بالطبع غير كاملة وما زالت تحتاج إلى ما سيفرزه التشاور.
موقع الفكر: ماذا تتوقعون لو فشل هذا التشاور؟
الرئيس صالح بن حنن: ما نتمناه هو أن لا يفشل هذا التشاور وأعتقد أن التحضير له على مدى سنة هو لتفادي هذا الفشل وقد توج هذا التحضير بمشاركة جميع الأطراف وهو ما يضمن ألا يفشل وأن يكون مختلفا عن الحوارات السابقة.
موقع الفكر: هل من كلمة أخيرة؟
الرئيس صالح بن حنن: أخيرا أقول إن الحكومة الحالية في إطار تنفيذها لبرنامج فخامة رئيس الجمهورية محمد بن الشيخ الغزواني قامت بكثير من الخطوات في ظل ظروف صعبة ما زالت قائمة وهي ستنعكس بالتأكيد على أداء الحكومة ولا خلاف أن عليها ملاحظات ولكن هنالك ما يبرر بعض هذه الملاحظات ونرجو أن تؤخذ الفترة المتبقية من مأمورية فخامة رئيس الجمهورية بعين الاعتبار كل المآخذ على الفترة السابقة.