رغم المحاولات الارتجالية المتعددة - التي يسميها البعض إصلاحات تربوية- قامت بها الأنظمة المتعاقبة على الحكم في بلادنا لإصلاح التعليم، إلا أن تلك المحاولات لم تنجح في تقويم إعوجاجات نظامنا التربوي لأنها كانت تأتي غالبا كنوع من الاستجابة لضغط داخلي أو خارجي،كما أنها أهملت كلها الركن الأساسي في عملية الإصلاح التربوي المنشود، أعني المدرس الذي هو العنصر المنفذ للسياسات التربوية في الميدان ولا بد من إعادة الاعتبار له ماديا ومعنويا كي يتسنى له القيام بواجبه المهني على أكمل وجه، وهو ما سينعكس إيجابا على مخرجات العملية التربوية ونسب النجاح في الامتحانات والشهادات الوطنية.
وقد ظلت تلك المقاربات عاجزة لحد الآن عن إيجاد المدرسة الجمهورية الجامعة لأبناء الموريتانيين في نظام تربوي موحد يتلقون فيه جميعهم تعليمهم وتربيتهم باللغة العربية مع العناية باللغات الوطنية ويتمتعون بفرص متساوية ويخضعون لنفس المنهج ويتربون على ذات القيم.
وبين يدي الأيام التشاورية الجارية حاليا حول إصلاح التعليم، نرجو أن توفق الدولة هذه المرة في الوصول إلى إصلاح تربوي ينطلق من الثوابت الحضارية لبلدنا ومن خصوصية مكوناته الاجتماعية وتنوع ثقافته، وأن يهدف الإصلاح المرتقب لمخرجات تستجيب للحاجات التنموية ولا تفرط في المصالح الوطنية والارتباطات الاستراتيجية.