الفكر(نواكشوط) في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الوطنية، وسعيا منا إلى إطلاع متابعينا الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر نلتقي اليوم مع الحسن ولد الطالب نائب رئيس اتحادية المزارعين باترارزه لنستجلي معه واقع الزراعة وأهم المشاكل التي تعانيها وفي نص المقابلة:
الفكر: ما آخر مستجدات أزمة الأسمدة؟
الحسن ولد الطالب: أحب أن أقول إن قضية الأسمدة كبيرة وخطيرة، ومما لا شك فيه أن لها تأثيرا سلبيا على المحاصيل، فلدينا في ولاية اترارزه وحدها 35 ألف هكتار مزروعة ودخل مزارعوها في حملة خريفية ،وكان من المفترض أن تكون جميع المدخلات الزراعية موجودة ومضبوطة في المخازن، ولما دخل المزارعون في الحملة حدث ارتفاع في تسعيرة الأسمدة دون سابق إنذار، وتدخلت اتحادية الزراعة على مستوى ولاية اترارزه فانخفضت التسعيرة قليلا ،ولكن ما زالت ظلالها باقية ،إذ ما يزال الفرق في الطن 35 ألف أوقية ، وسارت الأمور على هذا المنوال ،ولكن لما أصبحت النتائج تحتاج إلى المدخلات اكتشفنا أن المخازن خالية من المدخلات، وهذا أخطر تلاعب يمكن أن تشهده الزراعة وهو أن يكون المزارعون في حملة ويحتاج المحصول إلى هذه المادة العضوية ولا يجدها!
فدقت اتحادية الزراعة على مستوى ولاية اترارزه أبواب الجهات المعنية ،فاكتشفت وجود اتفاقية بين مؤسسات معنية ، بينها رجال أعمال مع لجنة الصفقات برعاية وزارة الزراعة لوجود عضوين من الوزارة ،ووجدت الاتحادية أن هنالك أشخاصا تنازلوا في آخر لحظة عن كميات من المدخلات الزراعية ،كان من المفترض أن يستجلبوها وحسبما وردنا من أنباء ،فإن المعنيين ادعوا أن الوقت ضاق عليهم أو أن الهامش الذي كان من المفترض أن يربحه أحد المعنيين لم يكن كما توقع ،والضحية في الأخير هو المزارع، ولذلك فلدينا اليوم 35 ألف هكتار عرضة للتلف ،وهذا تلاعب فإذا نظرنا إلى ما ستنتجه هذه المساحات الشاسعة من الهكتارات نجد أنها يمكن أن تساهم في توفير الاكتفاء الذاتي من الأرز للبلد، وكذلك إذا نظرنا من جهة أخرى إلى حجم الأموال المستثمرة فيها ،وانعكاس هامش الأرباح المتوقعة على المزارعين.
ويجب أن يتحمل المسؤولون عن هذه الوضعية المسؤولية ،وأن تتخذ في حقهم الإجراءات الرادعة كي لا يتكرر مثل هذا الأمر، وأقول إن سبب حدوث هذا النوع من الأخطاء هو عدم إشراك اتحادية الزراعة في اترارزه ،وهذه الاتحادية تنظيم موجود وفيها أناس مكتملو الوعي، ويمثلون مئات المزارعين ويعرفون مصالح المزارعين وما يضرهم وما ينفعهم، وتغييب هؤلاء الأشخاص خطأ لا ينبغي فعله ولا التمادي فيه ،وإذا كانت العهود الماضية لم تشهد نقابات زراعية مفعلة فإن الوضع الحالي اختلف، إذ جاءت نقابة مفعلة ولديها خريطة طريق واضحة المعالم وتعرف ما تريد، ولا بد من إشراكها لأنها هي من يعمل على أرض الميدان ،وهي من يمثل المزارعين ولديها من المعلومات حول القطاع ما ليس عند غيرها، ولأول مرة جاءنا مفتش الدولة في عاصمة الزراعة مدينة روصو ،وعقد اجتماعا في مقر اتحادية الزراعة وقال إنه مكلف من رئيس الجمهورية بالاستماع إلى قطاع الزراعة ليرفع تقريرا إلى رئيس الجمهورية، وهذه الخطوة نذكرها فنشكرها ونقول إنها على السكة الصحيحة ونطلب مواصلتها ومتابعتها ، لنعرف من أين جاءت المشكلة وتعطى للمزارع ضمانات ألا تكرر مثل هذه الأخطاء، لكي يتأكد المزارع أنه إذا ضخ ماله غدا أن هناك ضوابط تحكم عمل الجهات المعنية، لكي توفر على الأقل المدخلات الزراعية بالكمية المطلوبة، وفي الوقت المناسب ولو أن المزارعين علموا بعدم وجود المدخلات الزراعية لتدبروها من دول الجوار ،ولكن العكس هو ما وقع حيث إن وزارة الزراعة ظلت لأسابيع تقول إن السفينة التي تحمل المدخلات الزراعية قد دخلت المياه الإقليمية ،ولكن شيئا من ذلك لم يحصل، وهو ما شكل نوعا من التهاون أو التلاعب وعدم أخذ القضية بمستوى من الجدية التي ينبغي أن تؤخذ بها.
ولو أن الحقائق عرضت كما هي وقيل لنا إن المدخلات موجودة أو غير موجودة ،وأنها ستصل بعد أسبوعين أو شهر لكانت بين المزارع والجهة الوصية (وزارة الزراعة) ثقة ،ويجب أن تنشأ علاقة جديدة مع وزارة الزراعة ،مبدؤها الاحترام والتقدير مع ممثل المزارعين "اتحادية المزارعين باترارزه" وكل ما ستفعله الوزارة ينبغي أن تحضره اتحادية الزراعة باترارزه التي هي عاصمة الزراعة في موريتانيا، وأن تشرك هذه الاتحادية في كل ما يتعلق بالزراعة ،وكذلك لجنة الصفقات يجب أن يكون للاتحادية فيها ممثلون ،وتحضر تشخيص الأمور وكيفية التعاطي مع كل ما يتعلق بالقطاع الزراعي.
موقع الفكر: ما دور السلطات في عملية شراء الأسمدة؟ هل هي من يشتري الأسمدة أم أنها تشرف على عملية شرائها كجهة وصاية؟
الحسن ولد الطالب: السلطات هي من يشتري الأسمدة وتعطي لجنة الصفقات لمؤسسة معينة استيرادها، ووزارة الزراعة هي الجهة الوصية التي تخزن هذه الأسمدة في مخازن مفوضية الأمن الغذائي ،والمزارع يحضر ملفا يذهب إلى المندوبية الجهوية للزراعة التي تدقق في كمية الأرض المزروعة وموقعها، وبعد انتهاء الإجراءات الطويلة المتعلقة بالولاية وشركة صونادير والقرض الزراعي، وهو مسار طويل ومتعب بعدها يذهب إلى المفوضية بعد أن يدفع في أحد البنوك مخالصة ،حيث تباع له كمية معينة حسب مزرعته ، إذ تخصص لكل هكتار كمية محددة من الأسمدة وهي ليست كافية، لأن النباتات الضارة تنوعت وتكاثرت وليس لها تشخيص علمي ،وليست لنا مواكبة لتطورها لكي نجد ما يكافحها ،لأن الأزر لا يمكن أن ينمو مع هذه النباتات الضارة، وما زالت الجهات المعنية تخصص للهكتار خمسة لترات من السموم ،في حين أن المزارع يلجأ إلى إضافة خمسة عشر لترا من السموم ومن المعلوم عالميا أن الأرز يحتاج إلى المواد الكيميائية.
والأرز الموريتاني من أحسن أنواع الأرز في العالم، لأنه لا يحتوي على كثير من المواد الكيميائية والأرز دون الأسمدة هو مثل الطفل دون الرضاعة، وإذا لم يوجد الأسمدة فلا أرز وقد قطعنا أشواطا كبيرة ومهمة في القطاع الزراعي، ولدينا المصانع المتميزة والتي لا توجد على المستوى القاري. ولدينا المياه والأراضي والشمس ونحتاج إلى بعض الأمور لكي نسير على السكة الصحيحة في القطاع الزراعي، وأول هذه الأمور التأمين والتمويل والحاصدات التي تحصد المحاصيل في وقتها ،والآليات التي تقوم بتقليب الأرض في الوقت المناسب، كذلك وأن يكون مقر الشركات المعنية بالقطاع الزراعي في عاصمة الزراعة مدينة روصو ،لكي يكون التدخل سريعا ، والزراعة دون تمويل وتأمين لا وجود لها.
والمزارع على المستوى العالمي مبجل ومكرم ومؤمن من الكوارث ، وما حدث السنة الماضية ليس تأمينا لأنه ما من مزارع حتى و لم يزرع إلا 30 هكتارا وخسر 15 مليون أوقية قديمة بسبب الفئران التي قضت على المحاصيل ، والتعويضات التي دفعت الدولة تساهم في دفع أجور اليد العاملة وهي خطوة جاءت في الوقت المناسب، وتذكر فتشكر وقد ثمناها في وقتها ولكن لا يمكن أن تسمى تعويضا ،وإنما التعويض التأمين فما من مزارع في العالم إلا وهو مؤمن من الآفات الزراعية ،وإذا خسر محصوله فإن جهات التأمين تعوض له ،والمزارع هو بمثابة الجندي في سوح الوغى أو الطبيب وسط الأمراض المعدية.
موقع الفكر: هل توفرت الأسمدة؟
الحسن ولد الطالب: ما حصل هو أن وزارة الزراعة استجلبت ألفي طن من الأسمدة من دولة مالي ،عبر أحد رجال الأعمال وأرادت أن تشرك فيها الجميع فمن كان يحتاج 150 لترا سيجد ستين لترا والزراعة مبنية على المدخلات الزراعية فمن لم يضع الكمية المطلوبة بالكيفية المطلوبة وفي الوقت المناسب ليس بإمكانه وضعه المدخلات حاليا، نظرا لدخول فصل الشتاء وهو ما يمنع المحصول من النضج ،وبالتالي فالمزارع يعلم أنه دخل في أزمة لأن المدخلات الزراعية لم توضع في وقتها بالكمية المطلوبة، ولهذا السبب لن يكون المحصول بالكمية المطلوبة ولذلك فنحن مقبلون على كارثة زراعية نرجو ألا تقع.
موقع الفكر: هل اتخذت السلطات المعنية إجراءات لمواجهة هذه الوضعية؟
الحسن ولد الطالب: للأسف ما وقع قد وقع والمدخلات لم تعد تفيد شيئا ،وإنما نخشى تكرار ما حصل في الحملات القادمة لأن العامل الزمني انتهى ! ولو أن الوزارة صدقتنا لاستطاع المزارعون تدبير بعض احتياجاتهم من المدخلات الزراعية ولو بنسبة 10 أو 20 % من الدول المجاورة، ولكنها ماطلتنا حتى انتهت الفترة الزمنية المطلوب فيها التدخل.
موقع الفكر: هل اعتمدتم في معلوماتكم بقرب دخول الأسمدة على الوزارة؟
الحسن ولد الطالب: لم يحدثنا الوزير ولكن هذا الحديث سرى في أروقة الوزارة ،ولدينا علاقات مع الوزارة ونحن وهم كالأسرة الواحدة، ولدينا المعلومات عنهم وهذا الخطأ كبير جدا ،ومن المهم معرفة المسؤول عنه ويجب أن يعتذر وأن تتخذ ضوابط لكي لا يتكرر ومن المهم كذلك أن لا يحدث شيء يتعلق بالزراعة إلا وأشركت فيه اتحادية الزراعة في ولاية اترارزه، وأي أمر لم تشرك فيه فهو ليس على السكة الصحيحة ،لأننا مزارعون ونمثل المزارعين ونحن أكثر معرفة بما يضر المزارعين وما ينفعهم.
موقع الفكر: يرجع البعض سبب أزمة الأسمدة إلى وجود لوبيات زراعية تعودت على التعويضات ما رأيكم؟
الحسن ولد الطالب: التعويض لم يحدث منه إلا ما حدثتك عنه وهو لا يمثل 2% من خسارة المزارعين في زمن معالي الوزير ادي بن الزين ،والمزارع هو من يجب أن يعوض له لأنه يضع أمواله في باطن الأرض دون ضمانات ودون الثقة في شريكه ،لأننا لم نعد ندري هل ما يقوله الشريك صحيح أم لا! والوزارة شوشت علينا لأنه كان بالإمكان أن نحصل على المدخلات من دولة السنغال.
موقع الفكر: ألم تستفيدوا من تمويلات القرض الزراعي؟
الحسن ولد الطالب: القرض الزراعي لم يعد موجودا ففي مرحلة التسعينات كان يطالب طبقة من المزارعين ب12 مليار أوقية قديمة 90% منها فوائد وعفا الرئيس السابق محمد بن عبد العزيز تلك الديون التي في حقيقتها لا تعدو 5 مليارات ،ومن حق المزارعين أن يعوض لهم بعض خسائرهم ولكن كم من مزارع استثمر أمواله فخسرها ولم تعوض له السلطات المعنية! وكم من مزارع بذل من ماله وجهده الخاص حتى يكون لموريتانيا اكتفاء ذاتي، وما هو موجود الآن في شمامة هي جهود فردية فلا وجود للقرض الزراعي ،وفي الحقيقة هنالك وكالة ضعيفة وتدخلاتها ليست على المستوى المطلوب ولا تمول 2% من المزارعين والطريقة التي تمول بها المشاريع يحيط بها الكثير من العوائق وبالإمكان أن نقول إنها غير موجودة.
موقع الفكر: ألم يقل الرئيس السابق محمد بن عبد العزيز إنكم المزارعين من أكل أموال القرض الزراعي؟
الحسن ولد الطالب : كما قلت لك سابقا إن هنالك طبقة كان يطالبها القرض الزراعي في مرحلة التسعينات ب 5 مليارات ،ووصلت فوائدها إلى 12 مليارا ولكن الرئيس السابق محمد بن عبد العزيز هو من عفا هذه الديون فلماذا يعفوها؟ وبعد تلك الفترة لم يمول القرض الزراعي شيئا ،ومزارعو "شمامة" إنما مولوا أنفسهم بأنفسهم ومن خلال المصنعين المزارعين ،فبعض أصحاب المصانع يمتلكون مزارع، ومزارعو شمامة والمصنعون لا يحصلون على التمويلات الخارجية التي يحصل عليها المتنفذون الذين يدعون وجود مصانع أو أراض زراعية ،حتى يحصلوا على تمويلات كبيرة ليستحوذوا على تلك التمويلات، ويبيعوا الأراضي أو المصانع. ،ويجب أن يتخذ قرار في هذا النوع من القضايا وأن يحقق فيها ،وإذا نظرت إلى التمويلات الأممية وغيرها ،فلن تجد المستفيدين منها مزارعين أوالمصنعين وهنالك اختطاف لهذا المجال.
موقع الفكر: هل كان توزيع مشروع الشيشية توزيعا عادلا؟
الحسن ولد الطالب: للأمانة حسب ما بلغني فإن توزيعها كان عادلا مع أن استصلاح بعض أجزائها كان جيدا، وبعضها الآخر ليس على المستوى المطلوب، ولم أزرها شخصيا .................................يتواصل