أن يجلس مجمل فرقاء الحياة السياسية داخل بيت واحد، وتحت سقف واحد، ودون وسيط أو ترجمان أو تدخل خارجى، فذلك مظهر من مظاهر الرقي، وعودة طبيعة لمنطق الأشياء، ونتاج حتمى لسنتين من التهدئة والإنتفاح والتشاور والحوار.
لايحتاج الرئيس محمد ولد الشيخ الغزوانى للحوار من أجل إضفاء شرعية على حكمه، فقد حملته صناديق يونيو ٢٠١٩ إلى واجهة الفعل السياسى بأغلبية مريحة، وليس فى خصام مع أغلبيته ليكون مضطرا لاستقطاب داعمين جدد كما حصل ٢٠٠٨ وقبلها، وليس ضابطا صغيرا داخل ثكنة مغمورة انقلب فجأة على قادته، ليلجأ للنخبة السياسية من أجا إضفاء المشروعية على حكمه وحماية سطوته وتحصين نظامه.
إنه رئيس منتخب من أغليية الناخبين، ويدرك أكثر من غيره مخاطر الانقسام والصراع على السلطة، لذا أستل ضغية المعارض قبل الموالى، وأستشعر أهمية التحالف من أجل بناء الدولة، مهما شط المزار بأهل "التحالف" و"العيش المشترك"، ويعلم قيمة التواصل مع النخب مهما أستنكف البعض عن "التواصل" وأستجدى آخرون منطق المغالبة و الصدام، ويعلم أن تجاوز الخلافات أهم من "الرباط" فى درك الصدام والخلاف والتنابز الألقاب.
هنيئا لبقايا السلف بالمشاركة فى تشاور لايستثنى موضوعا ولايقصى منه أحد، وعقبى خير للجيل الجديد ببلد تسير فيه الحوارات عبر المؤسسات، ويحترم فيه للفائز فوزه ويدرك فيه الخاسر أن جهده، ومنطقه، وسلوكه ، وبرنامجه، وماله، وتجربته، سر فشله فى المنافسة، ومصدر عجزه عن الولوج لعالم التأثير و دوائر صنع القرار.