نقطة البدء في إصلاح الحياة الوطنية عموما والتعليم بشكل أخص، تتمثل في النأي بعيدا عن تسييس التعليم، وأن تكون مهمة المدرسة الأولى هي حقن المعارف بعقول أطفالنا وفق أهمية هذه المعارف في بناء مستقبلهم العملي وحاجات بلدهم، وأن لا تكون المدرسة أداتنا لحقنهم أمراضنا وعقدنا وصراعاتنا، فذلك أفضل ما نقدمه للبلد ولبُناة غده.
إننا نضطهد أطفالنا حين نعزلهم عن لغات العالم الحيّة ونبدلهم بها بعضاً من لغاتنا الوطنية التي عجزنا عن ترقيتها وتفتقر قواميسها إلى أي مصطلح معاصر في أي مجال من مجالات المعرفة، فلا وجود فيها لأية مصطلحات فلسفية أو علمية أو رياضية، مما يجعل من المستحيل استخدامها وسيلة لنقل معارف العصر إلى أبنائنا الذين يتوقف على معارفهم مستقبل هذا البلد.
إن أطفالنا وهم يلجون باب المدرسة لأول مرة، إنما يلجون بعقول فطرية لا تحمل أي انتماء عرقي أو ثقافي أو اجتماعي، ولا يجوز أن تكون المدرسة أداة لخلق هذه الانتماءات الضيقة وصياغة عقول أطفالنا وِفقها، بل على المدرسة أن تكون الحصانة الأقوى للطفل ضدها، والأداة الأهم لشحن عقله بالقيم والمثل والمعارف التي تتعالى فوق كل ذلك وتصنع منه مواطنا قادرا بمعارفه على المنافسة والتميز وإحداث الفرق بإيجابية عالية مع أقرانه.