يَعْتبر خبراء الأمم المتحدة و قادة الرأي في الدول المتقدمة أن المغتربينن مصدرا مهما من مصادرة الثروة، ويضعون الخطط و الإستراتيجيات المناسبة لرفع منفعة العائد من هذا المصدر المتجدد، وقد سار على هذا المنوال جل البلدان السائرة في طريق التنمية، و قل ما تجد اليوم هيكلة حكومية لبلد ما، إلا تم تخصيص قطاع وزاري للمواطنين في المهجر وحدهم، مما يعكس أهميتها للدولة والاقتصاد.
و في موريتانيا، إذا ما أستثنينا تمثيل مواطنينا في المهجر في البرلمان، و توثيق بعضا من حالتهم المدنية، لا يوجد أي تعامل إيجابي آخر، و لا ميزة معينة تحفز هؤلاء المغتربين، و تربطهم باقتصاد بلدهم، مما يتطلب وضع إستراتيجية جادة تمكن من دمج مواطنينا في المهجر، قوامها، تنظيمهم في روابط و هيئات تمكن من التعامل معهم بطريقة حضارية، و السهر على تعين أبنائهم مما يضمن الحصول على المواطن المتعلم، و إعتماد تحفيزات في مجالات معينة و المساهمة في حل المشاكل التي يتعرضون لها في بلدان المهجر.
1- الجانب التنظيمي.
من مسؤوليات الدولة، خدمة مواطينها و المحافظة على أمنهم أين ما كانوا و حيث ما وجدوا، و لا يمكن القيام بهذا الدور على الوجه الأكمل، لصالح جالياتنا في المهجر إلا بتنظيمهم في روابط، تعتمد بشكل رسمي من طرف الدولة، و تخصص لكل مقيمين في بلد معين رابطة تمثلهم، وتكون هي جهة الاتصال المعتمدة بشكل رسمي من طرف السفارة و الحكومة، وبهذا يتمكن الجهاز التنفيذي في البلد من الاستفادة من مواطنينا المغتربين، إنطلاق من مكاتب الروابط التي تمثلهم؛
2- السهر على التعليم.
المواطن المتعلم هو المواطن الصالح، و هو من يستطيع خددمة بلده الأصلي وبلد الإقامة، و الرهان اليوم على التعليم، ومن أجل ضمان الاستفادة من أبناء المهجر، لا بد من مواكبة جميع مراحل دراسة أبنائهم، و إبرام ما أمكن من إتفاقيات لصالح هذا الهدف، و رصد أموال للمساهمة في تحمل الأعباء الدراسية، أو على الأقل تخفيفها، و إنشاء المدارس و المعاهد لصالحهم في بلدان إقامتهم، بهذا الاستثمار في تعليم أبناء المغتربين، نضمن الحصول هلى المواطن الذي سيساهم في بناء وطنه؛
3- تحفيزات عقارية.
إستحداث تحفيزات عقارية مُغرية ، من خلال سياسة عقارية مناسبة، تمكنهم من الحصول على أراضي صالحة للسكن و الاستثمار، و تزيد من تعلق المهاجر بوطنه الأم، و الرابح من هذه الخطوة في المقام الأول، طبعا الوطن فهو الذي إستعاد بعضا من ثروة أبنائه، و زاد من فرص الاستثمار فيه مما يفتح المجال أمام وظائف جدد؛
4- تحفيزات دبلوماسية.
إعتماد رؤساء الجاليات كقناصل شرف يمثلون الجاليات، يتمتعون بعون قوي من الدولة يمكنهم من مخاطبة الجهات الرسمية في بلدان المهجر لحل مشاكل المواطنين المقيمين في تلك البلدان، و الدولة بهذه الخطوة مستفيدة لأنها عززت من وسائل دبلوماسبتنا و فرص نجاحها، بإعتماد من يقع على عاتقه حل مشاكل الجالية، و يعرف البلد الذي يقطن فيه، أكثر من بعثة دبلوماسية يتم تعديلها كل فترة محددة؛
5- تحفيزات إقتصادية.
من المعلوم أن العالم اليوم يتنافس على جلب رأس المال الأجنبي، من خلال الاستثمارات و من خلال السياحة، و يمكن لأهل المهجر من أصول وطنية أن يقوموا بدور فعال بجلب أصحاب رأس المال في الدول التي يقيمون فيها للوطن الأم، إذا ما تمت الاستعانة بهم، و منحهم تحفيزات مادية و معنوية، و تعبئتهم بطريقة مدروسة لجلب الاستثمار لوطنهم، و الاستفادة من علاقاتهم الاقتصادية لذات الغرض. و ذات الدور يمكن أن يستفيد منه القائمون على قطاع السياحة، و يعبؤا من يصلح لأن يروج لقطاع السياحة من أفراد الجاليات المنتشرة في العالم، و يتواصلون معهم، و يقدمون لهم ما أمكن من تخفيزات تخدم الترويج للسياحة في بلادنا، مما يضمن عائدا مقدرا على اقتصادنا الوطني.
6- تحفيزات نقدية.
على البنك المركزي أن يعتمد سعر صرف خاص بالمغتربين، يحفزهم على تحويل أموالهم عن طريق البنك المركزي، مما يساهم في زيادة المتداول من النقود في السوق المحلية من جهة، و إستفادة البنك المركزي من الحصول على مصادر للعملات الأجنبية؛
7- التضامن التام
يعاني المغتربون مشاكل عديدة و متشابكة، تتطلب حضورا قويا من الدولة، يعكس مدى الإهتمام بمواطنيها، و يضمن لهم الاحترام و التعامل المناسب من طرف الجهات الرسمية في دول المهجر، و هذا الجانب من المناسب أن يكون في صلب تقييم عمل أي بعثة دبلوماسية، و أن يفتح لهم صندوق للشكاوي عند ديوان رئيس الجمهورية، من أجل معالجة مشاكلهم و الوقوف إلى جانبهم في الوقت المناسب.
ومن أجل نجاح هذه الاستراتجية، و على غرار. الدول التي تحترم جميع مواطينها، من المناسب إستحداث وزارة خاصة بالمغتربين، أو على الأقل وكالة وطنية، تنسق كل هذا العمل مع الجهات المختصة، و تطلع بدور التواصل بين المغتربين و الجهات الرسمية.و تضمن تنفيذ الاستراتجية المعتمدة، بما يمكن من تعبئة هذا المصدر و تعظيم الريع العائد منه على إقتصادنا، و يحافظ على إحترام المغتربين في أماكن إقامتهم.
الإهتمام بجالياتنا، وتوعيتهم بأهمية دورهم في خلق تنمية تعود بالخير على البلاد و العباد، مسؤولية كبيرة من المناسب أن تطلع بها الحكومة.