وقد أطال العلامة الزبيدي النفس في شرح المادة "وسط" من القاموس، بحيث استغرقت في كتابه "تاج العروس" ست عشرة صفحة بحسب طبعة الكويت، ونقل عن أئمة اللغة والشراّح نقولاً مهمّة تجلي المفهوم وتزيده وضوحاً. قال رحمه الله نقلاً عن ابن برّي:
"اعلم أن الوسط بالتّحريك: اسم لما بين طرفي الشيء، وهو منه، كقولك: قبضتُ وسط الحبل، وكسرتُ وسط الرمح، وجلستُ وسط الدار، ومنه المثل: (يرتقي وسطاً ويربض حجرة) أي يرتعي أوسط المرعى وخياره ما دام القوم في خير، فإذا أصابهم شراعتزلهم، وربض حجرة، أي ناحية منعزلاًعنهم. وجاء الوسط محركاً أوسطه على وزن نقيضه في المعنى وهو الطرف؛ لأن نقيض الشيء يتنزل منزلة نظيره في كثيرمن الأوزان، نحو: جوعان وشبعان وطويل وقصير...
قال: واعلم أن الوسط قد يأتي صفة، وإن كان أصله أن يكون اسماً من جهة أنّ أوسط الشيء أفضله وخياره، كوسط المرعى خير من طرفيه، وكوسط الدابّة للركوب خير من طرفيها لتمكن الراكب. ومنه الحديث: "خيار الأمورأوساطها".
وقول الراجز: إذا ركبتُ فاجعلاني وسطا.