نسائم الإشراق، الحلقة رقم (1735) 18 نوفمبر2021م،12 ربيع الثاني 1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (9)

فلمّا كان وسط الشيء أفضله وأعدله جاز أن يقع صفة، وذلك مثل قوله تعالى: { وَكَذلِكَ جَعلَنَاكُمْ أمَّة وَ سَطا} [البقرة:143] أي عدلاً، فهذا تفسير الوسط وحقيقة معناه، وأنه اسم لما بين طرفي الشيء وهو منه".

قال الزّجاج في قوله تعالى: {وَكَذلِكَ جَعلَناكُمْ أمَّة وَسَطا} [البقرة:143]: فيه قولان: قال بعضهم: أي عدلاً ، وقال بعضهم: خيارا،  واللفظان مختلفان والمعنى واحد؛ لأن العدل خير والخير عدل.

قال في القاموس: (وسط الشيء محرّكة: ما بين طرفيه. قال:  إذا رحلتُ  فاجعلوني وسطا   إني كبير لا أطيق العندا.

أي اجعلوني وسطاً لكم ترفقون بي وتحفظونني، فإني أخاف – إذا كنت وحدي، أومتقدما عليكم، أو متأخرا عنكم – أن تفرُط  دا بّتي أو ناقتي، فتصرعني.

 وفيه: الوسيط: المتوسّط بين المتخاصمين. وفي العباب: بين القوم.  وُسُوط الشمس: توسّطها في السماء.

وواسطة القلادة: الدرة التي في وسطها، وهي أنفس خرزها.

ودين وسوط كصبور: متوسط بين الغالي والتالي. وواسط بلد بناه الحجاج  بن يوسف الثقفي بين الكوفة والبصرة، ولذلك سميت واسطا لأنها متوسطة بينهما؛ لأن منها إلى كل منهما خمسين فرسخا .

وفي لسان العرب نحو ما في تاج العروس.

وقال الزمخشري في أساس البلاغة: خلاصة ما ذكرناه هنا: وسط، جلس وسط الدار، وضرب وسطه وأوساطهم ، وهو أوسط أولاده، وهي وُسطى بناته.

 ووسط القوم، وتوسطهم: حصل في  وسطهم. وتوسّطت الشمسُ السماء .

 و وسطته القوم . وتوسّط بين الخصوم. و وسطتُه. وهي واسطة القلادة، ووسائط القلائد.

ثم قال: ومن المجاز: هو وسطٌ في قومه، وسطةٌ  ووسيط فيهم. وقد وُسط وساطة،وهو سطٌ ووسطا: خيار. {وَكَذلِكَ جَعلَنَكُمْ أمَّة وَسَوطا} [البقدرة:143]. وقال زهير:

          همُ وسطْ يرضىْ الأنامُ بحكمهم      إذا نزلت إحدى الليالي بمُعظَمِ!

وقال أعرابي للحسن: علمني ديناً وسُوطاً، لا ذاهباً فروطاً، ولا ساقطاً سقوطاً !

ومن المعاني التي وردت في كتب اللغة عن الوسط والتوسّط، قولهم: توسّط فلان: أي أخذ الوسط بين الجيد والردئ. وهذا المعنى يستخدم عرفا. وهذا بعيد عن الوسطية التي نريدها؛ لأن وسطيتنا تعني خيارالشيء وأمثله وأفضله. فهي أشبه