بسم الله الرحمن الرحيم
أود أن نبدأ هذا المقال رقم 4 من هذا العنوان أعلاه بقوله تعالي : {{فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}}.
لنقول أن كون الدنيا متاع الغرور أي كل متاعها غرور سواء من متاعها الدنيوي المادي بجميع أنواعه، وسواء بسلوك طريقة غير شرعية، وعدم شرعية هي التي طريق التي لم يؤخذ أصلها من القرآن من غير غلو ولا تقصير في الإسلام.
فيما أننا نحن الإنسان وجدنا أنفسنا علي هذه الدنيا وبدأنا بدخول سجنها في ساعة كتابة أجلنا ورزقنا في بطون أمهاتنا إلي آخره، لمن شاء الله له أن يولد سليما فقد دخل السجن الإجباري لأنه لا يستطيع ألا ينمو ويكبر ولا يستطيع ألا يضعف ويبدأ بالتلاشي بعد ذلك كما لا يستطيع أن لا يأتيه الموت، ولا يستطيع ألا يدخل الجنة أو النار وبأوامر الله خاصة.
هذه القوة التي أجبرته علي ذلك وهي من الله تبارك وتعالي خالق الكون ومنزل القرآن علي عبده، أعد لهذا الإنسان بعد رحلته أعلاه، إما الاستقرار وإلي الأبد في جنة أو نار، ولم يستثن من هذا الإنسان إلا من اصطفاه برسالته مباشرة إلي خلقه أو من قال لنبيه محمد صلي الله عليه وسلم بأن يخبرهم بأنهم في الجنة.
أما جميع الإنسانية الآخر فقد سطر القرآن علاقته معه في الدنيا ومعه كذلك في الآخرة، وكل هذه العلاقة مبينا فيها أنه من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فقد هدي إلي صراط مستقيم، وعندئذ لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، ومن أعرض عن هذا الذكر أي عن ما جاء في القرآن من اتباع حرفيه، هذه العلاقة المبينة بيانا واضحا في القرآن سواء بتحريف ما فيه من الأوامر في العقائد وسواء كان التحريف بالقول أو الفعل فقد أعد لهؤلاء عذابا لا يطيقه الإنسان ومع ذلك ليس بمزحزح عنه وإلي ما لا نهاية.
هذه الحقائق مسجلة بوضوح في القرآن ومبينة تبيينا وافيا من النبي صلي الله عليه وسلم حيث بلغ ألفاظها وفسرها وشرح ذلك بالقول والبيان المادي أمام الصحابة المبلغين عنه.
فبعد أن أنزل الله قوله تعالي في الفاتحة : {{اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم}} إلي آخر الآية بين هو هذا الصراط المستقيم حيث خط خطا واحدا كبيرا وبجانبه خطوطا صغيرة تتجه عنه كل اتجاه وأشار إلي الخط الكبير وقال : {{وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}} إلي آخر الآية.
ولعلم الله عز وجل بأن أوامره أي طريقه واضحة المعالم فقد أذن لخلق آخر وهو الشياطين باختطاف هذا الإنسان إلي طرقهم خارج الطريق المستقيم، فسهل لهؤلاء الدخول علي الإنسان من كل جهة أي من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم حتى لا يقوم أكثرهم بشكر الله علي الهداية إلي الصراط المستقيم يقول تعالي : {{وقليل من عبادي الشكور}}.
فهذا التدخل من الشياطين لصد أبناء آدم عن الطريق المستقيم نتيجته الحسد البادئ فتنته من ميلاد آدم حيث صُد هو نفسه عن الصراط المستقيم قبل أن يتوب الله عليه ويبقي معه آثار هذا الصد حيث نزل من الجنة إلي هذه الدنيا لتبدأ المعركة فيها ويكون الميعاد للجميع يوم القيامة حيث لم يبق من رسول ولا شفيع لأي إلا بإذن الله.
هذه الرحلة الطويلة والمعقدة والمنتهية بالنسبة لأهل طاعة الله علي خط الطريق المستقيم إلي حياة الخلد التي أورثهم الله لها بما كانوا يعملون من صالح أعمال طبقا لما في القرآن من غير تحريف ولا التواء، وإما إلي نار تشوي الوجوه خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون.
ومن هنا نصل إلي بعض أوصاف صد الشياطين للإنسان عن سلوك الطريق المستقيم لنقول أن أوامر الله لوضوحها لا يمكن الصد عنها إلا من داخلها، وداخلها يتكون من اعتقاد في القلب وقول باللسان وفعل بالجوارح، وكل هذا قد بين الله الصحيح منه من الفاسد بالقرآن وبينه الرسول صلي الله عليه وسلم بتفسيره في حديثه المباشر أو المتضمن لمعناه.
فملخص الطريق أنها تشتمل علي عقائد وعبادات فركز الشيطان عي إفساد هذين الأصلين في القول أو العمل لهذا الإنسان حتى تبعه طائعا يسحب أن فعله قربه من الله مع ظهور مخالفته لأوامره.
فبدأ مبكرا الانحراف عن الطريق المستقيم في العقائد فظهرت قيادات وأئمة تبعهم كثير من المسلمين في عقائدهم الخارجة عن ما يقول الله في كتابه وبينه رسوله صلي الله عليه وسلم، مع أنهم في حسن العبادة نحقر صلاتنا مع صلاتهم وصومنا كذلك إلي آخر العبادة، ولكن لتحريفهم للعقائد القرآنية صرح النبي صلي الله عليه وسلم أن جميع فرقهم اثنان وسبعون في النار.
وسموهم المسلمون الفرق الضالة بسلوكهم لخطوط الشيطان الجانبية المسلوخة عقديا من سلوك الطريق المستقيم.
فمعلوم أن الله عندما أنزل قوله تعالي : {{ليس كمثله شيء }} أورد كثيرا من صفاته كما ينطقها الانسان في العربية بعد مرورها بقوله تعالي : {{ليس كمثله شيء}} يفهمها المتلقي ويتيع فيها الضال فيشبهها بأوصاف الإنسان مع حسن عبادته الفعلية.
وكذلك فإن هذه الفرقة الضالة لم تقف عند ما حدده الله في كتابه لانفراده بتصرفه في عباده يوم القيامة بالغفران لمن شاء وتعذيبه لمن شاء.
نموذجا من العقائد الفاسدة :
1 – وهنا نبدأ بالمعتزلة القائلين بأن العباد هي التي تخلق أفعالها وتحاسب عليهم لأجل ذلك والله تعالي يقول : {{والله خلقكم وما تعملون}}.
2 – الخوارج الذين يكفرون كل من أذنب ولا ينفعه عندهم إيمانه والله يقول : {{إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}}.
3 – الشيعة غلاتهم قالوا أن عليا كان هو النبي المقصود ولكن النبي صلي الله عليه وسلم دعي لنفسه حاشاه من افتراء أهل الضلال، أما آخرهم فحتى الآن يلعنون الخلفاء علي المنابر ويسبون عائشة بما برأها الله منه والله يقول : {{إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم}}.
4 – المرجئة القائلين إنه لا تضر مع الإيمان معصية والله يقول : {{ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}}.
5 – المشبهة الذين يشبهون الخالق بخلقه مع قوله : {{ليس كمثله شيء}}.
كل هذه الفرق انشطرت إلي فرق أخرى ضالة كما قال النبي صلي الله عليه وسلم وأكثر هذه الفرق هي فرق أمته صلي الله عليه وسلم لأنها 73 فرقة.
وهنا أود أن أقول كلمة قصيرة عن اتباع الأشعري في العقائد : فمن المعلوم أن الأشعري عندما كان معتزليا أيام الاعتزال أخطأ في كثير من الاعتقاد، وأنه رجع إلي السنة وأصبح إمامهم، وفي نفس الوقت يقول فيه بعض العلماء أنه بقي عنده شيء من العقائد لا توجد في القرآن وقد أخذنا هنا نحن عنه مثل اعتقاد أن وصف الله يوجد خارج ذاته وأن استعماله المسمي بالمعنويات خارجة عن الصفة أيضا، فلا نعلم كيف استطاع الأشعري اعتقاد هذا مع قوله تعالي : {{ليس كمثله شيء }}، أما إمامته لنا فهي أكثر تعجبا من غيرها ففي الدنيا لم نلتق وفي الآخرة لا وجود لأي واقفا مع ربه يسأله عن أقواله وأفعاله وهو الخبير بهما وبعد هذا السؤال إما الرضي عنه أو السخط ومعروف مصير صاحبيهما: {{ولقد جئتمونا فرادي كما خلقناكم أول مرة}} إلي آخر الآيات.
ولمعرفتي بما وصف الله به الجنة ووصف به جهنم وظهور وصف ساكنهما في القرآن ولشدة شفقتي علي كل مسلم فإني سوف أذكر تحت هذا العنوان دائما أنواع المسلمين الذاهبين إلي الله بعد قليل لتبيين علي ضوء القرآن مصيرهم في العمل والعبادة مثل : الصوفية ، الديمقراطية ، حقوق الإنسان ، المرأة والإسلام إلي آخره بالنسبة للمسلمين طبعا.
وذلك في حلقات في مواضيع تتعلق باجتماع الدنيا والآخرة عملا وعبادة.