يحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّىٰ إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا
فليس هناك إلا وجود واحد هو الله، ولا شيء غيره. وهم القائلون بوحدة الوجود. فالإسلام يعتبر وجود الكون حقيقة لاريب فيها، ولكنه يعبُر من هذه الحقيقة إلى حقيقة أكبر منها، وهي من كونه ونظمه ودبر أمره، وهو الله تعالى، فهو الدليل على وجود الله، والا كان مخلوقا من دون خالق: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأرْضِ وَاخْتِلاف الليّْلِ وَالنهَّارِ لَآياتٍ لِأوُلِي الْألَبَابِ الذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّه قيِاَما وَقعُوُدا وَعَلَى جُنوُبِهِمْ وَيتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأرْضِ رَبنَّاَ مَا خَلقَتَ هَذاَ باَطِلا} [آل عمران:190، 191].
4. وهو وسط بين الذين يُؤلهون الإنسان، و يُضفُون عليه خصائص الربوبية، ويعتبرونه إله نفسه، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، وبين الذين جعلوه أسير جبرية اقتصادية أو اجتماعية أو دينية، فهو كريشة في مهب الريح ، أو دُمية يحرك خيوطها المجتمع، أو الاقتصاد أو القدر .فالإنسان في نظر الإسلام مخلوق مُكلف مسؤول، سيد في الكون، عبد لله، استخلفه في الأرض، ليعبده فيها، ويعمُرها و يجمّلها، ويقيم فيها الحق والعدل. وهو الذي يصنع مصير نفسه بيده، وبما أودع الله فيه من طاقات، وما منحه من مواهب: {مَنِ اهْتدَىَ فإِنمَّا يَهْتدِي لِنفَسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فإِنمَّا يَضِلُّ عَليْهَا} [الإسراء:15]، وقادر على تغيير ما حوله بقدر ما يغيّر ما بنفسه: {إِنَّ اللَّه لا
يغُيِرُ مَا بقِوْمٍ حَتىَّ يغُيِرُوا مَا بأِنْفسِهِمْ} [الرعد:11].
5. وهو وسط بين الذين يُقدّسون الأنبياء حتى رفعوهم إلى مرتبة الألوهية أو البنوة للإله ... وبين الذين كذبوهم واتهموهم، وصبُّوا عليهم كؤوس العذاب .فالأنبياء بشرٌ مثلنا، يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، ولكثير منهم أزواج وذرية، وكل ما بينهم وبين غيرهم من فرق: أن الله من عليهم بالوحي، و أ يدهم بالمعجزات: {قاَلتْ لَهُمْ رُسُلهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثلْكُمْ وَلَكِنَّ اللَّه يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لنَا أنْ نأَتْيِكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بإِذْنِ اللَّه وَعَلَى اللَّه فلَيتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنوُنَ} [إبراهيم:11].