متحورأوميكرون أقل خطورة لأنه لا يتغلغل داخل النسيج الرئوي (ترجمة/الفكر) 3/1

الصورة من تصميم جواهر النعيمي/ الجزيرة

دراسات أولية تظهر أن المتحور الأسرع انتشارا يكون أضعف عند الدخول إلى النسيج الرئوي.

هل سنحتاج إلى الدفعة الثانية المعززة من اللقاح، وكيف  نتكفل بالمصابين من البيت؟

الدكتور أمير خان/ 3 يناير 2021

مع كثير من التوجس يصف الباحثون الإصابة الناتجة عن أومكرون بأنها "معتدلة"؛ وقد غدا من المتفق عليه وعلى نطاق واسع، أنه رغم الشدة "المعتدلة " للأعراض الناتجة عن العدوى بمتحور أومكرون، فإن الأعداد الهائلة للمصابين ستسفر عن زيادة معتبرة في من يحجزون في المستشفيات، وسيتوجب على العاملين في مجال الرعاية الصحية عزلهم عند تأكيد إصابتهم.

البيانات التي يتم الحصول عليها ميدانيا، لم تؤكد ما إذا كانت الإصابة بمتحور أوميكرون يمكن أن تصنف على أنها "معتدلة"، أم لا؛ لكن النتائج الأولية لتجارب مخبرية تم إجراؤها على الفئران وقوارض" الهامستر"، قد تقدم بعض الإجابات بهذا الخصوص.

لقد أصبح من المعلوم لدينا أن الطفرات التي تسببت في ظهور أومكرون، جعلته أسرع انتشارا. ففي دراسة قام بها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة هونغ كونغ، وجدوا أن متحور أوميكرون يتكاثر في المجاري التنفسية للإنسان أسرع من دلتا ب 70مرة . هذه الدراسة  (والتي لم تصل مرحلة التحكيم العلمي)، أظهرت أن متحور أومكرون أسرع تغلغلا في الشعب و القصبات الهوائية، مقارنة ب بكوفيد 19 الأصلي و بمتحور دلتا؛ إلا أن سرعة تسلله إلى داخل النسيج الرئوي أقل.

 وذكرت الدراسة أن متحور أومكرون يتكاثر بصورة أقل فاعلية بعشر مرات من فيروس SARS-CoV-2 (كوفيد-19)، مما يرجح أن تكون الإصابة بالمرض أقل حدة وخطورة. وتطرح الدراسة فرضية أن شدة الإصابة  بكوفيد-19، تحدث عند دخول الفيروس إلى داخل النسيج الرئوي، و بدأ انتشاره من هناك إلى مختلف أنحاء الجسم؛ فإذا بقي في االمسالك الهوائية العليا كالأنف و الفم، فسينخفض احتمال تطور الإصابة إلى المراحل الحرجة .

إلا أن رئيس فريق البحث د. مايكل تشان،(Dr Michael Chan) طالب بالتريث في التعامل مع هذه النتائج وقال: "من المهم معرفة أن شدة المرض لا تتعلق بنوع الفيروس وتكاثره فحسب، بل بالاستجابة المناعية التي يقوم بها جسم المصاب".

العديد من حالات الحجز في المستشفيات جراء الإصابة بكوفيد-19 لم تكن نتيجة المرض الذي تسببت فيه العدوى الفيروسية فحسب، بل كان أيضا بسب الطريقة الغير متوقعة التي حدثت بها استجابتنا المناعية.

في بعض الحالات لم يكن النظام المناعي قادرا على إيقاف الاستجابة، و الاقتصار على مهاجمة الخلايا المصابة بالفيروس بل كان يهاجم الخلايا السليمة، أيضا. و أوضح د. تشان أن فيروس بمعدل عدوى مرتفع كأوميكرون من المرجح أن يتسبب في مزيد من الإصابات الحادة و الوفيات، لمجرد كونه سريع الانتشار؛ على الرغم من أن الإصابة الرئوية المصاحبة لا تبدو خطيرة.

ويرى فريق من الدارسين لمتحور أوميكرون، في جامعة  Glasgow أنهم قد وجدوا الاجابة على السؤال المتعلق بعدم قدرة الفيروس على إصابة الرئة، مقارنة بالمسالك الهوائية العلوية؛ حيث وجدوا أن هناك بروتين هاما موجودا على مستوى خلايا الرئة ،يدعى TMPRSS2 والذي يسهل في العادة دخول النسخ السابقة من فيروسSARS-COV-2، مثل COVID-19 ،و متحور دلتا، لا يفعل نفس الشيء مع متحور أومكرون؛ الأمر الذي يضعف من قدرة هذا المتحور على الدخول إلى الرئة وإصابة خلاياها.

يقوم فيروس أومكرون بالدخول إلى الخلايا المبطنة للأنف و الحنجرة و المسالك الهوائية العليا، بطريقة مختلفة، فمهما كانت الأعداد التي يتواجد بها الفيروس في هذه المسالك مرتفعة، فإن تركيزه في النسيج الرئوي يظل منخفضا. وهذا، على الأرجح،ما يفسر الانتشار السريع لأومكرون؛ حيث أن بقاءه في الجزء العلوي من الجهاز النفسي و تكاثره هناك بأعداد مرتفعة، يرجح إمكانية انتشاره بتراكيز عالية عبر العطاس و السعال وعمليات الزفير.

وفي دراسة أمريكية يابانية حول آثار الإصابة بمتحور أومكرون على الفئران وقوارض "الهامستر"، وجد الباحثون أن هذه القوارض التي أصيبت بعدوى أو ميكرون كانت درجة إصابة الرئة و فقدان الوزن لديها،وكذلك  احتمال موتها جراء الإصابة أقل، مقارنة بتلك التي أصيبت بعدوى متحور دلتا. وتعطينا هذه الدراسات أملا في تراجع شدة الإصابة، إلا أن هذه البحوث المخبرية لا تتحول دائما إلى نتائج واقعية على الأرض بسبب متغيرات كثيرة.

ففي جنوب إفريقيا حيث تم التعرف على أول إصابة بمتحور أوميكرون، ما تزال البيانات الواردة من هناك تشير إلى عدم زيادة أعداد المحجوزين في المستشفيات، جراء الاصابة بالمتحور الجديد؛ إلا أنه من المهم ملاحظة أن السكان هناك غالبا من فئة الشباب. وسيكون من الممكن الحصول على صورة أوضح من خلال معرفة تأثير الإصابة على كبار السن، خصوصا بعد فترة أعياد الميلاد و رأس السنة حيث تكثر التجمعات داخل الأماكن المغلقة. ومن الجدير بالذكر أن فترة أعياد الميلاد ورأس السنة قد تزامنت مع إغلاق المدارس على مستوى العالم، إلا أنه من المقرر أن تفتتح بداية شهر يناير؛ وبالتالي فإن الأطفال و الذين كانوا قاطرة العدوى في الموجات السابقة، سيتعرضون للإصابة بالفيروس في الصفوف الدراسية ويعودون به لبيوتهم و عائلاتهم.

وكانت حالات الحجز داخل المستشفيات قد عرفت ارتفاعا حادا في المملكة المتحدة، جراء الإصابة بفيروس كورونا؛

وهناك عامل مقلق آخر وهو ما يسمى بوكفيد طويل الأمد، ويتمثل في استمرار الأعراض لفترة طويلة بعد القضاء على الفيروس؛ ومن المرجح أن تتزايد أعداد من يعانون من كوفيد طويل الأمد (Long COVID)، من بين المصابين بأومكرون.

وكطبيب، فإني أخشى أن يقع الناس في فخ الأمان الوهمي جراء الشدة المتوسطة للإصابة مما قد يدفعهم للتساهل في ارتداء الكمامات و التباعد الاجتماعي، و الأسوأ من ذلك العزوف عن أخذ اللقاح.

لقد بتنا أشبه ما نكون بمن يتعاطى أرقام وفيات كوفيد كمخدر؛ ولا يولي اهتماما للتأثيرات الأخرى؛ والحقيقة أن متحور أو ميكرون مايزال تهديدا عالميا سواء كانت كالإصابة الناجمة عنه متوسطة أم شديدة.

المصدر: الجزيرة الإنجليزية

يتواصل.....