نسائم الإشراق، الحلقة رقم (1817) 11 فبراير2022م،9رجب الفرد 1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (93

الدعوة إلى رفض الحضارة الغربية كلها:

وكان في مقابل هؤلاء من يرفض هذه الحضارة بكل ما فيها، ولا يرى فيها إلا الباطل في الاعتقاد، والكذب في الأقوال، والشر في الأفعال، والبغي في العلاقات، حتى ما فيها من تفوّق في العلم والتكنولوجيا، فقد أخذوه أصلا من عندنا، وأضافوا إليه وطوّروه، فهو بضاعتنا تردّ إلينا.

هؤلاء يضخّمون انحرافهم في نظرتهم إلى المرأة، وإلى الجنس، واستباحتهم للحرمات، وتسميتهم "الشذوذ الجنسي"مثلية، ووقوفهم مع الإباحية والعري، وتأييدهم للظلم الواقع على الشعوب المستضعفة، وأبرز مثل له: الظلم الصارخ الواقع على أهل فلسطين، منذ نحو تسعين سنة إلى اليوم، وخصوصا بعد قيام دولة الكيان الصهيوني إلى اليوم.

هؤلاء يرفضون حتى الديمقراطية وما انتهت إليه من أوضاع سياسية، حدّت بها من طغيان الحكام المتسلطين الجبّارين،وما جاء من حماية لحقو ق الإنسان،وحرمات المستضعفين،وحق الشعوب في تقرير مصيرها،وحق الجماهيرفي محاسبة حكّامها، وتغيّرهم إذا أصرّوا على الفساد والطغيان..

 

أهل الوسط:

وفي مقابل هؤلاء وأولئك، ينبغي أن يقف أهل الوسط، يأخذون من الحضارة خير ما فيها من علم وتكنلوجيا وحسن إدارة، وثقافة تساعد على تقوية العمل الجماعي، والتفكير الجماعي، وعمل الفريق، والنقد الذاتي، والنصح للآخرين، والتغيير بالطرق السلمية، وكل هذه الأشياء حين تحللها وتتأملها، تجد لها أصلا في ديننا، ودلائلها الشرعية من كتاب ربنا، وسنة نبيّنا، وروائع تراثنا.

نأخذ خير ما في الديمقراطية من وسيلة الانتخابات واجرائها في شفافية ونزاهة،وفصل السلطات،وتعدد الأحزاب السياسية، وحرية الصحافة، وإقرار المحافظة على الضروريات والحريات والحرمات وحقوق الإنسان، بعد أن نضفي عليها من روحنا ومن قيمنا ومن ثقافتنا ما يجعلها جزءا من منظومتنا الإسلامية.

كما يجب علينا أن نتجنّب من آفات هذه الحضارة ما أصبح موضع النقد من كثير من فلاسفتها وعلمائها وأدبائها وساستها، الذين دقوا أجراس الخطر، إذا لم تتدارك هذه الحضارة نفسها، وتعالج بصراحة أخطاءها وخطاياها، كما رأينا ذلك في عدد منهم، منهم "شنجر"، وألكيس كاريل، ولولن  ولسون، ورينيه دوبو، وروجي جارودي، وغيرهم.