محمد ولد جبريل لموقع الفكر: كل من يعارض النظام يتم الضغط عليه اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا

قال الوزير السابق محمد ولد جبريل إن كل من يعارض النظام يتعرض لضغط اقتصادي وسياسي واجتماعي، وقال ولد جبريل إن هذا الضغط يتعرض له جميع الفاعلين السياسيين وهو ما دفعهم لتكوين جبهة التغيير.

وأضاف ولد جبريل في هذه اللقاء مع موقع الفكر إن موريتانيا الآن يوجد بها تضييق شديد على وسائل الإعلام حيث جرى تدجين الإعلام الخصوصي الذي كان يشتغل بكامل حريته أيام الرئيس السابق، أما الإعلام العمومي يضيف ابن جبريل فلا يسمح بظهور المعارضين، وهذا مخالف للقانون الذي يحدد للمعارضة والموالاة حصصهما المعلومة في الإعلام العمومي.

وفيما يخص التظاهرة التي قامت بها جبهة التغيير تنديدا بارتفاع الأسعار قال الوزير السابق ورئيس الجبهة محمد ولد جبريل إن نظام الرئيس ولد الشيخ الغزواني حاول منذ مجيئه طمس آثار الرئيس السابق، ومن ضمن تلك الآثار مشروع دكاكين أمل  الذي كان  يتكون من ثلاثة آلاف حانوت، توفر المواد الأساسية مضبوطة الأثمان، وقد حاولت الحكومة أن توقف هذا البرنامج، ومضت سنة ونصف وهو بلا تمويل، ومن ثم وبعد ضغط الشعب، وبعد تأكد النظام من تصرفه الخاطئ؛ بدأ تمويل الحوانيت، وقد كان ذلك التمويل غير منتظم.

وأضاف ولد جبريل أنهم يعتبرون الفوضى الحاصلة الآن في الأسعار إنما هي نمط جديد من أنماط الفساد التي كانت موجودة في الأنظمة الغابرة.

إلى غير ذلك من المواضيع المتعلقة بالتعليم والرياضة، وغيرها من الأمور الذي تناولها هذا اللقاء مع الوزير السابق محمد ولد جبريل فإلى المقابلة.

موقع الفكر: نود منكم أن تعرفوا المشاهد بشخصكم الكريم من حيث الاسم تاريخ ومحل الميلاد و الدراسة والشهادات المتحصل عليها والوظائف التي تقلدتم؟

محمد ولد جبريل: شكرا، التعريف بصفة مبدئية موجود في السيرة الذاتية الموجودة على الانترنت، ولكن بما أنكم طلبتموه فسأقدمه في عجالة؛ الاسم: محمد ولد جبريل من مواليد "معدن العرفان"، وبالنسبة للشهادات فلدي شهادة الثانوية العامة شعبة الرياضيات، وقد ذهبت بعدها إلى جامعة "كستون برجي" بمدينة سينلوي بالسنغال وحصلت منها على الشهادة الجامعية العامة "دك"، في الرياضيات المطبقة والمعلوماتية، وحصلت أيضا على شهادة ليسانس والمتريز، في المعلوماتية، ثم ذهبت إلى المغرب، وحصلت على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في المعلوماتية والاتصالات، ثم سجلت في الدكتوراه، وحصلتُ عليها أيضا، وتخرجت 2009، وبعد تخرجي رجعت إلى الوطن، وكان لدي نشاطين متزامنين، النشاط الأول شخصي؛ فقد فضلت ألا أبقى عاطلا، فقمت بإنشاء مكتب في مجال المعلوماتية أقدم فيه الاستشارات، وفي نفس الوقت كنت أدرس في الجامعة، وتم اكتتابي في ذلك الوقت كأستاذ متعاون في المعهد العلي للزراعة بروصو وحتى 2011 تم اكتتابي رسميا في أول مسابقة يشهدها قطاع التعليم العالي، وكان فيها عدد كبير من الأساتذة، حيث تم اكتتاب 60 أستاذا، وتم اكتتابي رسميا في المعهد العالي للمحاسبة وإدارة المؤسسات، ومنذ ذلك الوقت وأنا أستاذ جامعي، بدأت أستاذا مساعدا، ثم أصحبت أستاذا محاضرا، وهي رتبتي الحالية في المعهد العالي للمحاسبة وإدارة المؤسسات.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى في المجال السياسي كنت دائما حاضرا، منذ وأنا طالب في المنظمات الطلابية، وعند رجوعنا إلى الوطن قمنا بإنشاء منظمة للدكاترة العلميين، وهو ما نتج عنه هذا الاكتتاب الذي أصبح طبيعيا في التعليم العالي، وقد لاحظنا عند رجوعنا إلى الوطن وجود الكثير من الدكاترة أصحاب الكفاءات المغيبين لأن الاكتتاب لم يكن موجودا، وأتذكر أننا قمنا بوقفات مع الزملاء حتى وصلنا إلى وزير التعليم العالي، في تلك الفترة كان وزير الدولة للتعليم العالي، وقال لنا أن المشكِل الأساسي يتعلق بالمانحين "لا بيير دا افونه"، وبأن الاكتتاب لا يمكن أن يتم، وأنه لا يوجد لديهم اعتمادات مالية، ثم التقينا رئيس الجمهورية حينها فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، وطرحنا عليه المشكلة، وعندما رأى سيرنا الذاتية قال بأن "هذه خسارة"، وأعطى الأوامر للوزير بأنه إذا كانت الجامعة تحتاج إلى هذه الكفاءات أن يتم اكتتابهم، وبالفعل تم اكتتاب 60 أستاذا في جميع الجامعات والمعاهد الوطنية، وقد تم الإعلان عن الاكتتاب في نفس اليوم.

وقد نشطتُ في المجال السياسي فقد كنت من ضمن الشباب الموريتاني الذي التقى في تلك الفترة بالرئيس محمد ولد عبد العزيز، وكنت من اللجنة المنظمة، وبعدها أيضا في المجال السياسي كنت مدير حملة الشباب على المستوى الوطني للمرشح في تلك الفترة محمد ولد عبد العزيز.

ودخلتُ في الحكومة مديرا لديوان الوزير الأول، ومن ثم أصبحت وزيرا للشباب والرياضة.

وقد غادرت الحكومة في شهر يونيو 2018، ورجعت إلى الجامعة، وتابعتُ مشواري التدريسي.

وفي عام 2019 كنت أيضا من الداعمين للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، على أساس أنه كان لدينا مشروع، كنا نسعى جميعا لتحقيقه، وكنت جزء منه، وكنت أرى أنه صنع الكثير لموريتانيا، وبأنه يستطيع أن يستمر. وقد دعمناه من داخل الحزب الذي كنا فيه.

لكننا للأسف الشديد لاحظنا بأن الخريطة السياسية بدأت تتغير، وتغيرت بالفعل، فتريثتُ ثم أخذتُ موقفا من الحكومة، وذلك الموقف مبني أساسا على الحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي آلت إليها الأوضاع في البلد، خصوصا بعد متابعة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، وتصفية الحسابات السياسية معه، لأن جميع ما وقع -بالنسبة لنا- ما هو إلا تصفية حسابات سياسية، ولعبة سياسية مكشوفة أيضا، لأن الرجل في نهاية المطاف خدم البلاد، ونرى أنه قدم الكثير لموريتانيا، والمشروع الذي كان يعمل عليه كان صعبا جدا، والظرفية أيضا التي كان يعمل فيها كانت صعبة جدا، وكذلك لأن الجهات المناوئة له استغلت تنازله واحترامه للدستور من أجل أن تصفي معه حساباتها السياسية، ولذلك انضمت دون قيد أو شرط إل النظام الجديد، وحاولت أن تستغل النظام الجديد من أجل تصفية الحسابات السياسية مع الرئيس السابق، وهذا ما رفضناه؛ لأننا نرى أن مجرد احترام الرئيس السابق للدستور نقطة تحسب له، وتكفيه أيضا، لأننا نريد أن تكون موريتانيا دولة ديمقراطية، وكل رئيس يحترم فيها مأمورياته، ويحترم فيها الدستور، ومكتسبات الديمقراطية التي وصلت إليها موريتانيا تحترم.

موقع الفكر: ماذا عن جبهة التغيير؟ هل هي تيار سياسي واحد أم عدة تيارات؟

محمد ولد جبريل: شكرا، جبهة التغيير أولا هي فكرة تتمثل في أن هناك الكثير من الجهود، وهناك الكثير من الأحزاب التي يمكن أن تكون صغيرة، وهناك الكثير من المنظمات والتيارات الشبابية التي تتقاسم بعض الأفكار والآراء، وجبهة التغيير إطار يجمع هذه التيارات والمنظمات والأحزاب السياسية في بوتقة واحدة، من أجل تنظيم نشاط أو أنشطة بشكل موحد، نلتقي من أجل النقاط المتفق عليها.

وقد قمنا بإنشاء تشكيلة لمكتب مؤقت، والمكتب مفتوح أمام جميع الحركات السياسية والأحزاب السياسية في موريتانيا، والهدف منها توحيد الجهود لأنه في أثناء مقارعتنا للنظام، لاحظنا أن فيه ضغط كبير من طرف النظام على جميع الفاعلين السياسيين، كل من عارض النظام يضغط عليه النظام اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، بل ويعرض لجميع وسائل الضغط التي تملكها الدولة، وهذا ليس من صالح الدولة، فنحن نريد أن تكون هناك معارضة حقيقية للنظام تستطيع أن تعبر بشكل واضح عن جميع الاختلالات التي سيقع فيها الجهاز التنفيذي، وهذا ما نص عليه الدستور، وهذا ما يخدم المصلحة العامة، وهو الضمان لإصلاح العمل الحكومي، فلا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية دون معارضة، وأنتم –قد تكونو قد لاحظتم التراجع الكبير في مجال الحريات، لأن القنوات التلفزيونية التي كانت حرة والتي كانت تستضيف رؤساء الأحزاب والمعارضة، وتجري معهم المقابلات، وينتقدون النظام، وينتقدون رأس النظام، وينتقدون الحكومة، وينتقدون رئيسهم، ولا أحد فوق النقد، ويعبرون عن آراءهم، هذه القنوات اليوم أغلقت أمام المعارضين فأصبحت مغلقة بفعل ضغط النظام عليها، وهذا يجعلنا بلا إعلام، أما الإعلام الرسمي من تلفزيون وإذاعة وموقع الوكالة الموريتانية للأنباء؛ فهذه أيضا موصدة أمام المعارضة، فلا يسمح لأي معارض أن يظهر على التلفزيون الرسمي، ولو لدقيقة واحدة، ولعلمكم -وهذا تعرفونه، ويعرفه الشعب الموريتاني- فهذه مؤسسات وطنية ممولة من المال العام لمصلحة الشعب الموريتاني، ولتطبيق الدستور، والدستور ينص على وجود المعارضة، وأن هناك أغلبية، والأغلبية الحاكمة عندها جزء وحصتها من الإعلام العمومي، وأن للمعارضة حصتها، ويجب أن تُوفر لها، حتى تُبدي الرأي الآخر، وحتى تقوم العمل الحكومي، وتدافع عن مصالح الشعب، وهذا التراجع الخطير الذي وقع للحريات من الأمور التي جعلتنا نتحد جميعا، لأن المغزى أن الجبهة أن نجمع ائتلافا.

موقع الفكر: ما هي مكونات جبهة التغيير؟

محمد ولد جبريل: الجبهة تضم الكثير من المكونات، فيها اليوم ثلاثة أحزاب، وهذه الأحزاب للأسف الشديد قدمت وزارة الداخلية شكوى منهم إلى القضاء، واليوم توجد ملفاتهم عند القضاء، كذلك في الجبهة ثلاث منظمات، والعديد من التيارات الشبابية، تقريبا سبعة أو ثمانية من التيارات الشبابية، وأيضا في الجبهة شخصيات مستقلة، والجبهة مفتوحة، والجبهة تزيد يوما بعد يوم .

موقع الفكر: ما السبب في قيامكم بمظاهرات ضد ارتفاع الأسعار؟

محمد ولد جبريل: هذا ليس أول نشاط نقوم به ضد ارتفاع الأسعار، أنتم –تلاحظون- أنه مع مجيء النظام، قام في البداية بتتبع آثار الرئيس السابق وطمسها، ومن ضمن المشاريع التي كانت مهمة، وأساسية للمجتمع الموريتاني، هو برنامج "أمل" لأن برنامج أمل به ثلاثة آلاف حانوت، توفر المواد الأساسية مضبوطة الأثمان، لأن الدولة هي من تشرف عليه، ولديها موظفين يقومون بأمر هذه الحوانيت، وقد حاولت الحكومة أن تقف هذا البرنامج، ومضت سنة ونصف وهو بلا تمويل، ومن ثم وبعد ضغط الشعب، وبعد تأكد النظام من تصرفه الخاطئ؛ بدأ تمويل الحوانيت، وقد كان ذلك التمويل غير منتظم، وهذا مرت عليه فترة كورونا، ثم فترة فوضى الأسعار.

وبالنسبة لنا نحن نعتبر فوضى الأسعار نمط جديد من أنماط الفساد التي كانت موجودة في الأنظمة الغابرة، بمعنى أن اليوم الأسعار في ازدياد، وقد كتبنا الكثير من البيانات، ونظمنا عدة مؤتمرات صحفية، وحاولنا قدر الإمكان أن نقوم بنشاط يسمح للحكومة أن تنتبه لواقع الشعب الموريتاني اليوم، لأن فيه أسرا، وهذا رأيناه وفي مقرنا في الأحياء الشعبية تأتينا النساء يخبرن عن ارتفاع الأسعار وانها لم تعد تطاق، ويشكين لنا، ونحن ما نقوم به ما هو إلا تعبير مباشر عن إرادة الشعب الموريتاني، وقد كتبنا بيانات، ونظمنا مؤتمرات صحفية، والنشاط الأخير كان وقفة، وهذه الوقفة رغم معرفتنا أن الظرفية الحالية تشهد انتشار الموجة الرابعة من كوفيد19 وبأن السبب الأساسي لها طبعا هو النشاط الذي نظمه حزب الاتحاد، فقد أخذنا في هذه الوقفة جميع الاحتياطات، أولا لم ندع المواطنين للمشاركة معنا، فمن شارك في هذه الوقفة هم رؤساء مكونات الجبهة، بمعنى الأحزاب والمنظمات والتيارات السياسية التي في الجبهة، وكل مكتب تنفيذي يأخذ خمسة أعضاء فقط، الرئيس وخمسة أعضاء معه، وهؤلاء الأشخاص هم من قاموا بالوقفة، ولم نقبل أن يأتي معنا أحد آخر، ثانيا التزمنا بالإجراءات الاحترازية، الكمامة النظافة التباعد...الخ. وكان الهدف عندنا أن نعبر بطريقة ما –بما البيانات والمؤتمرات الصحفية والاعتقالات التي جرت في الداخل، لأنها وقعت عدة ثورات في الداخل لم تفلح في لفت انتابه  الحكومة- حتى نلفت نظر الحكومة إلى أن الأوضاع لم تعد تطاق، وكنا نعرف أن النظام لم يكن ليرخص لنا وقفات، لأن النظام يعاملنا –كما قلت لكم- معاملة غير طبيعية، ونحن نرى أنه  -إذا كانت الحكومة قد سمحت لحزب الاتحاد بأن ينظم مهرجانا، ويستدعي له عشرة آلاف، ويجمعهم في المطار، ونحن أمام موجة رابعة أصابت أكثر من عشرين دولة، كلهم حدوا من النشاطات، حتى المغرب والسنغال قاموا بالحد من الأنشطة- ينبغي أن أن يسمح لنا على الأقل بوقفة على مستوى الرؤساء نعبر فيها عن رأينا.

أما بالنسبة للإذن فقد طلبناه وطلبناه وطلبناه منذ سنتين ونصف وطلباتنا عند الحكام، ولم يردوا علينا في أي واحد منها، طلبنا تظاهرات ومسيرات ولم نتلق أي رد على أي منهم.

إذن هذا النشاط أقمناه حتى نعبر عن رأينا فيما يجري، وبالفعل للأسف الشديد نحن كنا نعرف أنهم لن يرضوا به، وقد وقفونا –وعلى كل حال؛ نحن كان هدفنا أن يُتحدث عن الأسعار- ونحن نقول إننا قد نجحنا في هدفنا، لأنه في يوم الاثنين 17 يناير تحدثت موريتانيا كلها عن الأسعار، وهذا كان هو هدفنا الرئيسي، ونحن نعرف أن الحكومة اليوم، والرأي العام اليوم مشغولون في قضية الأسعار، وهذا هو هدفنا الرئيسي لأننا كنا نريد من الحكومة أن تتحرك حتى تنفع الشعب الموريتاني، وحتى تُحس بألمه الذي يعيشه، ونحتسب بأننا نجحنا فيه.( يتبع)