نسائم الإشراق، الحلقة رقم (1838) 06 مارس2022م، 03شعبان1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (115)

وقد حكوا عنه أنده زار بلداً اختلف أهله بين صلاة الثمانية وصلاة العشرين، وقام بينهما النزاع على أشدّه، حتى كادوا يقتتلون، واجتمع الفريقان ليسألوه، لم يجبهم بل سألهم هو عن صلاة التراويح: أسنّة هي أم فريضة؟ فقالوا جميعاً: بل سنّة. فقال: والأخوة بين المسلمين واتحاد كلمتهم: سنّة أم فريضة؟ قالوا جميعاً: بل فريضة. فقال في قوة ووضوح كيف تهدمون فريضة من أجل سنّة؟ خير لكم أن تدعوا  صلاة التراويح نهائياً في المسجد، وتحتفظوا بأخوتكم سليمة، بدل أن تصلوا ويضرب بعضكم وجوه بعض.

كانت مزيّة حسن البنا الجمع بين عقل السلفي المتبع، وقلب الصوفي المتذوّق. وكذلك أ راد لأصحابه.

 

فهو في العقيدة سلفي خالص، يؤمن بالتوحيد، ويحارب الشرك أكبره وأصغره، وجليّه وخفيّه، ويتبنّى منهج السلف في آيات الصفات وأحاديثها كما بيّن ذلك في رسالته عن "العقائد" وفي أصوله العشرين.

وهو في العبادة كذلك متبع لا مبتدع، فكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ولكنه في تزكية الأنفس، وتهذيب الأخلاق، وعلاج أمراض القلوب، ومقاومة الهوى، وسد مداخل الشيطان إلى قلب الإنسان متصوف سنّي، ذوّاقة نقّادة، يأخذ لنفسه ولأتباعه من كتب القوم ومناهجهم ما يرقّي الروح، ويطهّر القلب، ويوثق الصلة بالله، والحب بين الإخوان.

وموقفه هنا يشبه إلى حدّ كبير موقف شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم، فقد استفادوا من التصوف – علما وعملا وتعليماً – وكتبا في ذلك رسائل وكتباً عديدة، منها لابن تيمية مجلدان في فتاويه: أحدهما تحت عنوان: "التصوف" والثاني تحت عنوان: "السلوك".