نسائم الإشراق، الحلقة رقم (1852) 21 مارس2022م، 18شعبان1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (130)

وربما فهم بعض الناس أن ترك الترخّص تشديد، فلا يجعل بينهما وسطاً وهذا غلط، والوسط هو معظم الشريعة وأمّ الكتاب. ومن تأمّل موارد الأحكام بالاستقراء التام عرف ذلك. وأكثر من هذا شأنه من أهل الانتماء إلى العلم يتعلق بالخلاف الوارد في المسائل العلمية، بحيث يتحرّى الفتوى بالقول الذي يوافق هوى المستفتي، بناء منه على أن الفتوى بالقول المخالف لهواه تشديد عليه وحرج في حقّه، وأن الخلاف إنما كان رحمة لهذا المعنى، وليس بين التشديد والتخفيف واسطة. وهذا قلب للمعنى المقصود في الشريعة. وقد تقدم أن اتباع الهوى ليس من المشقات التي يترخص بسببها، وأن الخلاف إنما هو رحمة من جهة أخرى، وأن الشريعة حمل على التوسّط: لا على مطلق التخفيف،وإلاّ لزم ارتفاع مطلق التكليف من حيث هو حرج ومخالف للهو ى، ولا على مطلق التشديد، فليأخذ الموفق في هذا الموضع حذره، فإنه مزلة قدم على وضوح الأمر فيه[1]. انتهى[2].