نسائم الإشراق، الحلقة رقم (1864) 2 أبريل2022م، 01رمضان 1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (142)

وسطية مجددة وتجديد وسطي:

بعد أن ألقينا الضوء على مفهوم (الوسطية)، بقي أن نقول كلمة عن مفهوم (التجديد). وقد أضحى مركز القرضاوي يحمل الأمرين معا: الوسطية والتجديد. والحق أن التجديد داخل في مدلول الوسطية، كما ننشدها، وكما نفهمها، وكما شرحناها هنا، كما أن الوسطية داخلة في مدلول التجديد الحقيقي كما ننشده، وكما نفهمه. وأحد معالم الوسطية، كما عرضناها: تجديد الدين من داخله، والاجتهاد من أهله في محله. فهي وسطية مجددة، وهو تجديد وسطي.

تجديد المسرفين المتسيبين:

فليس التجديد المقصود هو تجديد المسرفين والمُتسيّبين، الذين يريدون أن يبدلوا مرجعية الأمة إلى غير القرآن، وزعامتها إلى غير محمد، وقبلتها إلى غير مكة، وقانونها إلى غير الشريعة. هؤلاء ليسوا بمُجددين، بل هم مخرّبون مبدّدون. وهم مقلدون لا مُجدّدون، هم تابعون للغرب، وليسوا سادة أنفسهم. إنهم يريدون أن يجدّدوا كل شيء، وكما قال الدكتور محمد إقبال لبعض هؤلاء: إن الكعبة لا تجدد بجلب حجارة لها من أوربا.

وقد ندد شوقي بهؤلاء الذين يرفضون كل قديم ولو كان نافعاً، ويرحّبون بكل جديد ولو كان ضارًا، فقال في قصيدته عن (الأزهر):

دع عنك قول عصابة مفتونة     يجدون كل قديم أمر منكرا

 ولو استطاعوا في المجامع أنكروا    من مات من آبائهم أو عُمّرا من كل ساع في القديم وهدمه    واذا تقدم للبناية قصّرا