تخفيض قيمة الأوقية: تدمير القوة الشرائية، وتآكل الرواتب/ إعداد موقع الفكر

تخفيض قيمة العملة هو خفض سعر الصرف الرسمي لهذه العملة مقابل عملة دولية مرجعية (الدولار الأميركي أو اليورو مثلا)، بحيث يقل عدد الوحدات من العملة الأجنبية التي يمكن الحصول عليها مقابل وحدات أكثر من العملة الوطنية، بمعنى ارتفاع سعر صرف العملة الأجنبية مقابل سعر صرف العملة المحلية.

وتخفيض قيمة العملة (Devaluation) عندما يكون سعر الصرف خاضعا للإدارة المباشرة للدولة، التي تحدد هذا السعر عبر قرار حكومي.

وقد اتخذت موريتانيا في عهد الرئيس ول الطائع سنة 1992، قرارا بتخفيض قيمة الأوقية أمام الدولار،بنسبة 90% - وفق مصادر إعلامية- من قيمتها السابقة أمام الدولار.

ورغم عدم صدور توضيحات من البنك المركزي الموريتاني، فإن مسؤولين موريتانيين ،أقروا بحصول الاتفاق مع صندوق النقد الدولي ،على التخفيض، وهو ما انعكس سلبا على سعر تداول الأوقية حيث هوى سعر الأوقية من 115أوقية / للدولار الواحد سنة 1991،إلى 250 منتصف سنة 1992، وقد طلب صندوق النقد الدولي تخفيض قيمة الأوقية بسبب زيادة المديونية الخارجية، وفشل برامج التقويم الاقتصادي.

ولأن موريتانيا منذ فترة أصبحت "تلميذا جيدا" لتنفيذ السياسات الهيكلية والنقدية للصندوق وفق البعض،استمرت في تنفيذ وصفاته الجاهزة - وصف الدكتور محاضر محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق،وصفات صندوق النقد الدولي أنها لا تعدو كونها "تذكرة نحو الجحيم" - فزادت الديون الخارجية الموريتانية، فطلب الصندوق تحفيضا جديد للأوقية،بنسبة 20% حسب صحيفة العربي الجديد، ثم في سنة 2017، خفضت الحكومة الموريتانيةالعملة المحلية الأوقية،بنسبة 30%،حسب العربي الحديد، وبنسبة 42% حسب تقديرات نقلها مدير أحد البنوك الأجنبية، العاملة في موريتانيا،عن بعثة صندوق النقد الدولي،حيث أشارت مذكرة لصندوق النقد الدولي أن الوضع الاقتصادي في موريتانيا يتطلب مزيدا من نقص قيمة الأوقية ، بعدما بلغ حجم الديون الحارجية حدا مقلقا حوالي 6 مليار دولار، وهو ما يتجاوز الناتج الداخلي الخام "PIB "لموريتانيا سنة 2017 .

وقد تراجعت العملة الموريتانية،حيث تراجع سعر الأوقية بعد الاتفاق ووصل إلى 339.7 مقابل الدولار، وفي السوق السوداء وصل سعر الدولار إلى 354 أوقية.

ويؤدي تخفيض العملة في اقتصاد ضعيف مثل الاقتصاد الموريتاني ،دائما إلى حدوث مشاكل سلبية،مثل زيادة أسعار المواد الأساسية والخدمات، خاصة أن البلاد  تستهلك أكثر مما تنتج، فاقتصاها مرتبط بالخارج، فهي لا تصدر سوى المواد الأولية، في حين تستورد نحو 90% من حاجياتها من  الخدمات و السلع و المواد الأساسية الغذائية والتجهيزات.

،ناهيك عما يسببه التخفيض من ارتفاع نسب التضخم. وتآكل  القيمة الحقيقية للرواتب والأجور،و رأس مال المشاريع الصغيرة والمتوسطة.

وكانت موريتانيا من خلال مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي تسعى باستمرار للحصول على قروض لتمويل مشروعاتها التنموية واستيراد حاجياتها، والتغلب على العجز في الميزانية
وتدرك المؤسسات النقدية الدولية ومن خلفها الدول الغنية الكبرى، عدم جدوائية سياسة تخفيض قيمة العملة الوطنية في الدول الفقيرة نظرا لغياب الشروط اللازمة لنجاحها.

ويقتضي المقام هنا التنويه بأن صندوق النقد الدولي يقتصر دوره  على  "التأشير" على الدول وتزكيتها عند المانحين وإلا فإن أكبر المقرضين لموريتانيا  هم الصناديق العربية.