هل ينجح ولد الوقف في إدارة ملف التشاور السياسي؟/ موقع الفكر

أعطى تعيين يحيى ولد أحمد الوقف أستاذ مادة الاحصاء الوصفي بجامعة نواكشوط مشرفا على ملف التشاور السياسي بين الأغلبية والمعارضة في موريتانيا أعطى " زخما جديدا " لمسار الحوار المتعثر منذ أكثر من سنة ونصف.

ويأخذ تعيين ولد أحمد الوقف مشرفا على هذا الملف عدة أبعاد مهمة وفق بعض المراقبين لعل من أبرزها:

- خبرته بالملف حيث قاده فريق الأغلبية في جلسات التحضير للتشاور السياسي طيلة السنتين المنصرمتين.

- حسن العلاقة التي تربطه بأطياف المعارضة، حيث كان من منظري رؤاها وقراراتها السياسية طيلة العشرية المنصرمة.

وهكذا توفر للرجل أقصى دعم سياسي من الأغلبية ممثلة في ثقة رئيس الجمهورية، وحزب الاتحاد من أجل الجمهورية زيادة على موقف المعارضة، وعدم اعتراض أي من أطرافها على اختياره مشرفا على هذا التشاور .

ووفق ما تأكد من معطيات مؤكدة فإن دفة التشاور السياسي قد آذنت بالانطلاق قريبا، وذلك بعد أن تم 

- تحديد الأطراف المشاركة فيه: وهي بالتحديد ستة ممثلين للأغلبية، من بينهم ممثل عن حزب الإصلاح، وآخر عن حزب حاتم، فيما استأثر حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بأربعة مقاعد

أما قوى المعارضة فقد جاء تمثيلها على النحو التالي:

- ممثل عن حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"

- ممثل عن حزب تكتل القوى الديمقراطية

- ممثل عن حزب التحالف الشعبي التقدمي

- ممثل عن حزب اتحاد قوى التقدم

- ممثل عن حزب الصواب

- ممثل عن حزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية – حركة التجديد

- ممثل حزب الحركة من أجل إعادة التأسيس

فيما تم توجيه الدعوة إلى شخصيات سياسية لا تملك تمثيلا حزبيا قانونيا من بينها

بيرام ولد الداه ولد اعبيدي ممثلا لحركة إيرا وحزبها الرك (تحت التأسيس)

صمب اتيام ممثلا عن حزب القوى التقدمية للتغير(تحت التأسيس) "أفلام سابقا "

وتنهي هذه التوزيعة فترة من الخلاف بين أطياف المعارضة بشكل خاص،  قبل أن تؤول التوافقات السياسية من جديد إلى الصيغة التي أعلن عنها قبل أيام.

 

ومن المتوقع أن تنطلق فعاليات أولى جلسات الحوار يوم السبت المقبل، وذلك بعد توزيع رسائل الدعوة إلى الأحزاب والشخصيات المعنية بالتشاور الوطني.

وتنطلق هذه الدعوات من الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية إلى مختلف الأطياف المعنية، وهو ما يضفي " طابعا رسميا" على التشاور، ويستجيب لمطلب المعارضة المعلن منذ أكثر من سنة، وهو تعيين مشرف فعلي على الحوار، ويأتي هذا الخيار بديلا عن مطلب آخر لبعض أطياف المعارضة، بجعل الحوار السياسي بين المعارضة والحكومة، وليس بين المعارضة والأغلبية، ومهما يكن  فإن إشراف ولد الوقف على الحوار، وإن أضفى بعدا حكوميا عليه، فإنه لا يخرجه عن مبدء الحوار بين المعارضة والاغلبية، باعتبار طرفيه، وباعتبار الموقع السياسي لولد الوقف أيضا نائبا لرئيس حزب الاتحاد.

يعزز تعيين ولد أحمد الوقف مشرفا على الحوار -إن سار الحوار وفقا للمأمول - موقعه السياسي في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، وفي المشهد السياسي بشكل عام، كما أنه يعزز حظوظه كمشروع "وزير أول" أو رئيس للبرلمان خلال المأمورية الثانية للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني 

وبشكل خاص فإن تعزيز حضور وقوة الأمين العام للرئاسة، سيكون على حساب الموقع السياسي لرئيس الحزب الحالي سيدي محمد ولد الطالب أعمر المعين أخيرا وزيرا للمياه، مما يفهم  منه قرب مغادرته لرئاسة الحزب الذي أداره في فترة انتقال سياسي من سيطرة أنصار ولد عبد العزيز، قبل أن يدخل في "عطلة سياسية اضطرارية" بفعل أجواء الحظر والتوقف التي فرضتها أزمة كورونا.

 

ملفات الحوار : هل تم التوافق على الإشكالات؟

 

تتسرب بين الحين والآخر أنباء عن إدارة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني لحوارات جزئية إما بشكل مباشر أو عبر وسطاء خاصين حول مختلف النقاط التي ستثار خلال الحوار، وذلك من أجل توفير الاجواء للإعلان عن التوافقات السياسية المرتقبة، إضافة إلى تذويب ما أمكن من جليد الخلافات السياسية بين الأطراف المتناقضة، خصوصا أن رهانات القوى المعارضة، تتعلق بشكل خاص بضمانات أو مواقف أو توجهات لا يمكن أن يحسم فيها طرف غير الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

ملفات الحوار

ووفق بعض المصادر الموثوق بها فإن الملفات الكبرى للحوار ستدور حول المحاور التالية:

- المحور السياسي: ويتوقع أن يشمل هذا المحور 

- ملف الحكامة الانتخابية: الذي يشمل الشراكة والتمثيل في اللجنة المستقلة للانتخابات، وتوسيع صلاحياتها، زيادة على ضبط علاقتها بوزارة الداخلية، ومستويات التداخل بينها وبين الجهاز التنفيذي للحكومة.

- محور اللوائح المشتركة، والنسبية الجهوية: تتحدث بعض الأطراف عن طرح ملف اللائحة الجهوية للعاصمة نواكشوط، والدعوة إلى العودة إلى نواب المقاطعات، بدلا من الوضعية الحالية.

- محور الملفات الشائكة: ومن أبرزها:

- ملف الملكية العقارية: ووفق المصدر فثمة توجه إلى إعادة تأميم الأراضي الزراعية غير المستغلة، مما يحقق للدولة منح بعضها للسكان المهمشين، واستغلال بعضها في مشاريعها الزراعية، مما قد ينهي الأزمة الاجتماعية في هذا الملف، ويضع كوابح في وجه الاستغلال السياسي له.

- ملف الإرث الإنساني: حيث قطعت السلطة مراحل واسعة من أجل الوصول إلى توافقات خاصة بشأن ما تبقى من هذ  الملف، ووفق ما رشح من معلومات، فإن ولد الشيخ الغزواني وافق بعد تمنع ورفض على نقاش جزئي لهذا الملف، بعد وضع معالم وتوافقات مع عدد من قادة ورموز المجتمع الزنجي، من شأنها أن تقدم تعويضات أخرى تسحب هذا الملف من يدي المزايدين به بشكل نهائي.

 

الرهانات المتناقضة ...أي فرصة لنجاح الحوار

تواجه الحوار السياسي إشكال الرهانات المتناقضة، وخصوصا داخل المعارضة، كما يواجه أيضا سقف التنازلات التي يمكن أن تقدمها السلطة للمعارضة، إضافة إلى سقف الضمانات التي يمكن أـن تحمي نتائج الحوار السياسي

ومن أبرز الرهانات المتناقضة لدى المعارضة

- رهان الشراكة السياسية: ويمكن اعتبار هذا الخيار رهانا أساسيا لأطراف في المعارضة.

- رهان الحكامة السياسية: يمثل هذا الملف رهانا مهما لدى أحزاب الأغلبية الرديفة لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، ولدى بعض أحزاب المعارضة، حيث  يعتقد أن النسبية الجهوية، وتوسيع دائرة النسبية بشكل عام، سيعزز حظوظ الاحزاب  الانتخابية، فيما تبدو الشراكة السياسية بين أحزاب المعارضة والنظام مستبعدة خلال الأفق القريب، وذلك لتناقض الرهانات السياسية للطرفين.

- رهان المكاسب الشرائحية: ويمثل هذا الملف رهانا أساسيا بالنسبة للقوى الزنجية، بشكل عام، ويشمل هذا الرهان السعي للحصول على ضمانات سياسية لوجود وتموقع أطر ونافذي هذه الشريحة في الإدارة وفي الإطار الوظيفي بشكل عام، إضافة إلى الاستغلال السياسي إلى أبعد درجة ممكنة لملف مايسمى ب "الإرث الإنساني"، زيادة على تسوير وحماية "الحقوق الثقافية"للزنوج والتي يربطها كثير من أطرهم بتعزيز وحماية الفرنكفونية في الفضاء الإداري والتعليمي

إلا أن هذا الرهان يمثل أيضا تحديا بالنسبة للسلطة، الساعية بشكل حثيث إلى استلال ما تبقى من أشواك مايسمى ب الإرث الإنساني، والوصول إلى توافقات عامة، تحسب لنظام ولد الشيخ الغزواني إن حصلت في سجل الإجماع الوطني،   وتتجاوز ما تحقق في الفترات السابقة.

ومن بين هذه الإشكالات المتعددة، تبقى حقيبة ولد أحمد الوقف مفعمة بأوراق متناقضة، وملفات متباينة، وفي دفتر يومياته عناوين لرجل فيه شركاء متشاكسون، يريد منهم الاجتماع إلى كلمة سواء لترميم "الإجماع الوطني" الذي بشر به   حكم ولد الشيخ الغزواني، وتعزيز ما تبقى من "تهدئة سياسية" يراد منها أن تكون ورقة مهمة في السباق الرئاسي للمأمورية الثانية.

الشيء المؤكد أن الرهانات الحقيقية للمواطنين الموريتانيين،من وراء الحوار،بعيدا عن "السياسة اليابسة"  والأجندات الخاصة، وهي بالأساس اقتصادية وتنموية.