ولد صلاحي: لولا كندا لما تعرضت للاعتقال والتعذيب 14 سنة/ ترجمة موقع الفكر

طالب بتعويضه 35 مليون دولار
ولد صلاحي: لولا كندا لما تعرضت للاعتقال والتعذيب 14 سنة
 
تحقيق مارك ثيبودو
موقع: LA PRESSE

يأمل المعتقل الموريتاني السابق في سجن اكوانتمامو  في الحصول على تعويضات كبيرة عما يراه دورا أساسيا لدولة كندا في مأساته التي استمرت 14 سنة في واحد من أبشع السجون العالمية واكثرها عنفا وإيغالا في التعذيب، وفي هذا التحقيق الذي نشره الصحفي مارك ثيبودو وترجمه موقع الفكر يظهر المسار القانوني الذي أخذه ولد صلاحي من أجل مقاضاة النظام الكندي الذي يرى أنه مسؤول بشكل مباشر وبمعلومات زائفة ومبالغ فيها عن المأساة التي غرق فيها ولد صلاحي طيلة عقد ونصف
يقول محمدو ولد صلاحي إنه مقتنع بأن تطبيقا غير مهني  للقانون الكندي لعب دورا مركزيا في اختطافه واحتجازه المطول في السجن الأمريكي في غوانتانامو، وهو يسعى للحصول على تعويض بقيمة 35 مليون دولار من الحكومة الفيدرالية عن الأضرار التي لحقت به.
 
وترى الدعوى القضائية التي رفعتها شركة غولدبلات بارتنرز للمحاماة ومقرها تورونتو في المحكمة الاتحادية في 22 أبريل/نيسان أن الشرطة الملكية الكندية وجهاز الاستخبارات الأمنية الكندي "عرضا حياة وسلامة المواطن الموريتاني للخطر". كيف؟ من خلال إنتاج معلومات خاطئة عنه ، بينما كان يعيش في مونتريال مع وضع الإقامة الدائمة في أواخر 1990
السلطات الكندية ، وفقا للإجراء الذي حصلت عليه La Presse ، غذت الشكوك حول الإرهاب لدى الأمريكيين وأعطتهم معلومات متعددة،  أدت في نهاية المطاف إلى إرسال ولد صلاحي إلى سجن غوانتانامو العسكري في عام 2002، حيث لن يفرج عنه حتى عام 2016.
يقول ولد صلاحي في مقابلة أجريت معه في هولندا "يحتاج الكنديون إلى فهم أن هذه قصة كندية. بدون كندا ، لم أكن لأختطف أبدا. بدون كندا، لم أكن لأتعرض للتعذيب"
وقال الموريتاني البالغ من العمر 51 عاما "أريد أن تكون الحقيقة معروفة لجميع الكنديين"، مضيفا أنه ليس لديه خيار سوى اللجوء إلى المحكمة بسبب غياب الشفافية من جانب السلطات الفيدرالية"
وفي العام الماضي، دعت منظمة العفو الدولية والحزب الديمقراطي الجديد إلى إجراء تحقيق عام في دور كندا في مأساة المواطن الموريتاني، ردا على سلسلة من المقالات في صحيفة "لا بريس" حول هذا الموضوع.
 
رفضت الحكومة هذه الطلبات، مشيرة إلى أنه لا توجد معلومات تجعل مثل هذا التحقيق "ضروريا". وبدلا من ذلك، اقترحت وزارة الأمن العام أن يوجه المواطن الموريتاني شكاواه إلى مكتب الإشراف على أنشطة الأمن القومي، وهو هيئة غير معروفة.
ويعتقد فريق المحامين الذين يمثلون محمدو ولد صلاحي أن الدعوى القضائية في المحكمة الاتحادية هي والوسيلة الأكثر أهمية، لأنها ستسمح بالحصول على العديد من الوثائق الداخلية التي من المرجح أن توضح ما حدث.
وانتقل السيد صلاحي إلى مونتريال في تشرين الثاني/نوفمبر 1999 بعد حصوله على الإقامة الدائمة. وبدأت مشاكله مع السلطات بعد اعتقال أحمد رسام، وهو مواطن جزائري أراد تفجير مطار لوس أنجلوس كجزء من "مؤامرة الألفية".
وتشير الدعوى إلى أن المواطن الموريتاني حضر نفس المسجد الذي حضره الإرهابي، لكنه لم يلتق به أبدا، لأن الأخير كان قد غادر بالفعل إلى غرب كندا عندما وصل ولد صلاحي إلى البلاد.
وقالت الوثيقة إن اعتقال رسام كان "مصدر إذلال" لقوات الأمن الكندية التي ردت بإطلاق "تحقيق عدواني" يستهدف العديد من المسلمين الذين يحضرون مسجد أسونا بمن فيهم صلاحي.
وتضيف الوثيقة كانوا  "مهووسين" في هذه العملية بفكرة أن الموريتاني لعب دورا في مؤامرة الألفية، ويشير الادعاء إلى استنتاج "تخميني بحت"، استند إلى "الإسلاموفوبيا والقوالب النمطية" بدلا من ممارسات التحقيق القوية.
وجاء في الوثيقة أن عمليات المراقبة ضده أسفرت عن نسخ من المكالمات ورسائل البريد الإلكتروني بالإضافة إلى صور تم نقلها "دون تحذيرات" إلى السلطات الأمريكية.
وعرضت السلطات الكندية بشكل خاص محادثة "بريئة وحميدة"، طلب فيها السيد صلاحي من أحد المتصلين إحضار السكر للشاي، وقامت السلطات الكندية بتفسير ذلك على أنه شكل من أشكال "اللغة المشفرة في مؤامرة إرهابية".
وبعدها تحولت هذه المحادثة نفسها ستتحول إلى "هاجس" وأثارها بانتظام المحققون الأمريكيون للمعتقل في غوانتانامو، وفقا لمحاميه.
 
في مقابلة مع صحيفة لا بريس العام الماضي، أكد فريد همفريز، عميل سابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي حقق على نطاق واسع في مؤامرة الألفية، أن القوات الكندية "بالغت في أهمية" هذه المكالمة للأمريكيين. ويقول إنه ذهب إلى السجن العسكري بنفسه في عام 2003 للتأكيد على اعتقاده بأن محمدو ولد صلاحي لم تكن له صلة بأحمد رسام والهجوم المخطط له في لوس أنجلوس.
ووفقا للدعوى القضائية، فإن شهادة السيد همفريز وشهادة مارك فالون، وهو محقق سابق في غوانتانامو، التي جاءت على نفس المنوال، سلطتا الضوء على "الدور السري" لكندا في مأساة السيد صلاحي.
ويقول محامو الموريتاني إن السلطات الكندية ضاعفت من سوء سلوكها من خلال "التواصل مع محققين من كندا، ونقل المعلومات إليهم، والذهاب إلى غوانتانامو لاستجوابه" عندما علموا أنه "محتجز ويتعرض للتعذيب بشكل غير قانوني".
ويلاحظ الادعاء أن "معلومات كاذبة" تم الحصول عليها في هذا السياق وجدت في إحاطة قدمت في عام 2005 للإدارة العليا لشرطة الخيالة الملكية الكندية.
ويلاحظ محامو السيد صلاحي أن سلوك السلطات الكندية يتعارض مع عدة أحكام من ميثاق الحقوق والحريات والقانون المدني في كيبيك، فضلا عن التزامات البلد الدولية بمكافحة التعذيب، مما يبرر أهمية الأضرار المطالب بجبرها والتعويض عنها..
ولم ترد دائرة الاستخبارات المركزية ولا الشرطة الملكية الكندية أو المدعي العام الكندي، الذي يستهدفه الادعاء رسميا على مبادرة محمدو ولد صلاحي، واكتفت إدارة السلامة العامة بالقول، نيابة عن الحكومة، إنه سيكون من "غير المناسب" التعليق على مسألة "تعالجها المحاكم حاليا"
وقال وارد إلكوك، المدير السابق لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الذي كان متمركزا وقت استجواب الموريتاني في مونتريال، إنه كان مقتنعا بأن كندا لم تقم بفعل يتطلب أن تلوم نفسها عليه.
وقال إن "الأمريكيين كانوا قلقين للغاية بالفعل" بشأن السيد صلاحي في عام 1999 و "لم يحتاجوا إلى أي تشجيع على الإطلاق" من السلطات الكندية للاقتناع بأنه شخص مهم وخطير
ويؤكد السيد صلاحي أن مسؤولية السلطات الكندية عن مأساته واضحة وتستحق اعتذارا مناسبا وتعويضا كبيرا.
ويقول ولد صلاحي في تصريحات إعلامية "كنت أبحث عن حياة أفضل من خلال المجيء إلى مونتريال. كندا لم تحمني. على العكس من ذلك، رمتني كندا تحت الحافلة".
مسيرة ولد صلاحي
انتقل محمدو ولد صلاحي، المولود عام 1970 في موريتانيا، إلى ألمانيا لمتابعة دراسته الهندسية عام 1980
 
وفي 1992 وبإلهام من قتال المجاهدين الأفغان ضد القوات الروسية، قاطع دراسته وذهب مرتين إلى أفغانستان، حيث أقام في معسكر تدريب تابع لتنظيم القاعدة، إلا إنه غادر أفغانستان لأنه يشعر بخيبة أمل من الاشتباكات بين الإسلاميين لينفصل عن التنظيم
/نوفمبر 1999
وبعد أن واجه صعوبات في تجديد تأشيرته في ألمانيا، حيث تشعر السلطات الألمانية بالقلق إزاء المكالمات التي تلقاها من ابن عمه الذي أصبح مستشارا مقربا من أسامة بن لادن، غادر ولد صلاحي البلاد ليستقر في مونتريال.
كانون الأول/ديسمبر 1999
بعد ثلاثة أسابيع من وصول محمدو ولد صلاحي إلى مونتريال، ألقي القبض على مواطن جزائري مرتبط بتنظيم القاعدة،  يدعى أحمد رسام، في غرب البلاد أثناء محاولته عبور الحدود الأمريكية في سيارة محملة بالمتفجرات.
 كان رسام يأمل في الوصول إلى مطار لوس أنجلوس كجزء من ما يسمى مؤامرة الألفية، وتشتبه السلطات الكندية في أن محمدو ولد صلاحي كان شريكا لرسام الذي كان يحضر مسجد مونتريال نفسه، رغم أن الرجلين لم يتقاطعا حيث كان الجزائري قد غادر بالفعل إلى الغرب وقت وصوله.
في بداية العام 2000 وتحت ضغط من السلطات الكندية غادر محمدو ولد صلاحي كندا في يناير/كانون الثاني واعتقل في السنغال، حيث تم استجوابه بمساعدة مكتب التحقيقات الفيدرالي قبل إطلاق سراحه، كما استجوبته موريتانيا لدى عودته إلى البلاد وأطلقت سراحه، وقال في الدعوى القضائية المرفوعة يوم الجمعة المنصرم إن قوات الأمن الكندية ضايقته لطرده من مونتريال حتى يمكن استجوابه في بلد ثالث أقل اهتماما بقضية حقوق الإنسان.
 
وفي 2001 أعيد إلقاء القبض عليه في أعقاب هجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001، التي أدت إلى إلقاء القبض على العديد من الأفراد الذين تعتبرهم الولايات المتحدة إرهابيين، وبعد استجوابه في الأردن وأفغانستان، انتهى به المطاف في غوانتانامو، حيث تعرض للتعذيب لفترة طويلة.
وفي 2003 تم تنفيذ خطة خاصة اعتمدها وزير الدفاع آنذاك دونالد رامسفيلد من مارس 2003 إلى خريف عام 2004، وتشمل هذه الخطة فترات طويلة من العزلة والحرمان من الضوء، وجلسات الإذلال الجنسي، وعمليات الإعدام الوهمية. ولوضع حد للتعذيب، قال محمدو ولد صلاحي أخيرا لاقتراح المحققين إنه اخترع خطة لمهاجمة البرج الذي حطمته طائرات القاعدة
2016
رغم اعتقاد المسؤولين الأمريكيين أنه عضو رفيع المستوى في تنظيم القاعدة، إلا أنهم لم يتمكنوا أبدا من إثبات شكوكهم، ليتخلوا عن أي اتهام بعد ست سنوات من استنتاج قاض على الأراضي الأمريكية أنه لا يوجد دليل يدعم مزاعم السلطات حول دوره المزعوم في المنظمة الإرهابية، قضت محكمة إدارية في غوانتانامو بأن احتجازه لم يعد ضروريا لأسباب تتعلق بالأمن القومي. وأعيد إلى موريتانيا، حيث خضع في البداية لقيود السفر التي طلبتها السلطات الأمريكية.