نسائم الإشراق، الحلقة رقم (1880) 18 أبريل2022م، 17رمضان 1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (158)

وقال المناوي في معنى (يجدد): يبيّن السنة من البدعة، ويكثر العلم، وينصر أهله، ويكسر أهل البدعة ويذلهم[1]، فجعل التجديد مُنصبّاً على (العلم). وفي مقام آخر قال:  يُجدّد ما اندرس من أحكام الشريعة، وما ذهب من معالم السنن،  وما خفدي من العلوم الظاهرة والباطنة[2]. وهو يشمل العلم والعمل. والتجديد المطلق يشمل العلم والعمل جميع اً.

وأودُّ أن أنبّه هنا على معنى مهمّ في قضية التجديد، وهو: أن التجديد لشيء ما، هو محاولة العودة به إلى ما كان عليه يوم نشأ وظهر، بحيث يبدو مع قدمه كأنه جديدد، وذلك بتقوية ما وهى منه، وترميم ما بلي، ورتق ما انفتق، حتى يعود أقرب ما يكون إلى صورته الأولى.

 

فالتجديد ليس معناه تغيير طبيعة القديم، أو الاستعاضة عنه بشيء آخر مستحدث مبتكر، فهذا ليس من التجديد في شيء.

 

ولنأخدذ لدذلك مثلا في الحسيات؛ إذا أردنا تجديد مبنى أثري عريق، فمعنى تجديده: الإبقاء على جوهره وطابعه ومعالمه، وكل ما يبقي على خصائصه، وترميم كل ما أصابه من عوامل التعرية، وتحسين مداخله، وتسهيل الطريق إليه، والتعريف به .. إلخ، وليس من التجديد في شيء أن نهدمه، ونقيم عمارة ضخمة على أحدث طراز مكانه.