اختيارات الأطفال

كتب الخبير التربوي، الدكتور شوكت طه طلافحه، لموقع الفكر

نلتقي بحياتنا بأناس كثير، يفتقدون القدرة على تحديد اختياراتهم أو تفضيلاتهم في أيسر الأشياء كالطعام المفضل أو اللون الأجمل وهكذا ، وهذا مرده لعوامل عديدة ، منها أنه منذ الطفولة لم يرب على ذلك ، فلباسه تختاره أمه أو أبوه شكلًا ونوعًا ولونًا ، وعليه أن يقبل هذه الخيارات بلا نقاش ، وإبداء الرأي بالطعام كذلك يحاسب عليه ، ولا يستشار في برنامج نهاية الأسبوع ، وقس على هذا الكثير من تفاصيل السلوكيات الحياتية اليومية ، كل هذا يحتم علينا كمربين أن نترك لأبنائنا الحرية في اختيار ما سيلبسون والألوان التي تعجبهم ، والاستماع لخياراتهم في الطعام وتلبيتها ضمن القدرة والظرف ، واستشارتهم في جميع الأنشطة المشتركة .

إن هذا كله من شأنه ، أن يمنحهم ثقة بأنفسهم وبآرائهم ، ويبرهن لهم عمليُا أن كيانهم يحترم ، ورأيهم يسمع ، وأن الحياة مشاركة لا مغالبة ، كما يعطيهم أساسيات المحاجّة عن أرائهم وكيف يقنعون الآخرين بها إن لزم ، كما سيفهمون كذلك أن هناك مساحات كثيرة في الحياة لا ينبغي أن نتوافق عليها ، بل هي متروكة للأذواق الشخصية ، مما سينمي عندهم مهارات التواصل مع الآخرين وتقبل آرائهم .

إن التربية تحتاج لصبر ونفس طويل، فإن استصحب المربي النية الصالحة، فإن التربية ستتحول إلى رحلة ممتعة، ومواقف شائقة، لا تقل لذتها عن النهايات الجميلة، التي تتسم عادة بتحقيق الأهداف.