نسائم الإشراق الحلقة رقم (1903) 11 مايو 2022م،10 شوال 1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (180)

 

وفقه الآيات، والفقه في الدين أخصُّ  وأعمق من مجرد العلم بالآيات، والعلم بالدين. إن الفقه يعني العلم بأسرار الشيء،  وإدراك الغاية. وهو يضم عدة ألوان من الفقه المنشود: فقه سنن الكون، وفقه مقاصد الشرع.. وفقه المآلات.. وفقه الموازنات.. وفقه الأولويّات.. وفقه الاختلاف أو الائتلاف.. والفقه الحضاري.. وفقه التغيير.. وفقه الواقع. والواجب على علماء العصر: أن يحيطوا علماً – كل على قدر سعة واديه– بهذه الأنواع من الفقه، حتى إذا  دعوا:  دعوا على بصيرة،  واذا أفتوا: أفتوا ببيّنة،  وإذا علموا: علموا على نور، وإذا قضوا: قضوا عن علم.

11- إنصاف المرأة وتكريمها:

توكيد ما جاء به الإسلام من إعطاء المرأة حقوقها ومكانتها وتكريمها: إنساناً ، وأنثى، وبنتاً، وزوجة، وأماً ، وعضواً  في المجتمع،  وتحريرها من رواسب عصور التخلف والتراجع الإسلامي، التي   ح رمتها من كثير من حقوقها، حتى  الصلاة في المسجد، وحتى ح قها في اختيار الزوج، ومن غوائل الغزو الحضاري الغربي الذي أخرج المرأة من فطرتها، ولم يُراع أنوثتها، والذي جعل المرأة المسلمة تسير وارء المر أة الغربية شبراً بشبر وذراعاً  بذراع. في حين يشكو النقاد والمصلحون من جناية هذه الحضارة على أنوثة المرأة،  وعلى الفطرة الإنسانية، وعلى المرأة والرجل جميعا.

 ونحن نرفض تفكير الغلاة الذين يريدون أن يسجنوا المرأة في البيت، ويحرموها من حقّ العلم والعمل، والمشاركة في الحياة الاجتماعية والسياسية كما قال

تعالى: {وَالْمُؤْمِنوُنَ وَالْمُؤْمِناَتُ بَعْضُهُمْ أوْلِياَء بَعْضٍ} [التوبة:71] . كما نرفض الذين يريدون أن يذيبوا الفوارق بين الذكورة والأنوثة، مناقضين فطرة المرأة، وفطرة الكون كله، القائم على قاعدة الزوجية:{وَمِن كُلِ شَيْءٍ خَلقْنَا زَوْجَيْنِ لَعلَكُّمْ تذَكَّرُون}[الذاريات:49] وليس على قاعدة (المثلية) التي يتبنّى الغرب إشاعتها اليوم، فالحياة إنما تستمر بالجنس ومقابله، لا بالجنس ومثله.

 وقد أهلك الله قوم لوط حين خالفوا فطرة الله، وأمر الله، وأتوا فاحشةً  لم يسبقهم بها أحد من العالمين، فدمر الله عليهم قريتهم، وجعل عاليها سافلها، وأمطر عليهم

حجارة من سجيل منضود، {مُسَوَّمَة  عِنْدَ رَبِكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَالِمِينَ ببعِيدٍ}

[هود:83]1.

 نريد للمرأة أن تؤدّي واجباتها، وأن تأخذ حقوقها، وأن تؤدّي رسالتها في الحياة  جنباً إلى جنب مع الرجل، فلن يطير المجتمع بجناح واحد، وفي الحديث: "إنما النساء شقائق الرجال"2.