نسائم الإشراق الحلقة رقم (1906) 14 مايو 2022م، 13 شوال 1443هـ، فقه الوسطية الإسلامية والتجديد، معالم ومنارات، الشيخ يوسف القرضاوي، الحلقة رقم (183)

بل هو كمجتمع المدينة الذي يتكون من المهاجرين والأنصار، والذي أثنى الله

عليهم بقوله تعالى: {لِلْفقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الذِّينَ أخْرِجُوا مِنْ دِياَرِهِمْ وَأمْوَالِهِمْ يبَتغَوُنَ فَضْلا  مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانا  وَينْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولهُ أوُلئِكَ هُمُ الصَّادِقوُنَ  * وَاللَّذِينَ تبَوَّأوُا الداَّرَ وَالْأِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إلِيْهِمْ وَلا يَجِدوُنَ فِي صُدوُرِهِمْ حَاجَة مِمَّا أوُتوُا وَيؤْثِرُونَ عَلَى أنْفسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَة وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نفْسِهِ فأَوُلئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9،8].

14 - الإيمان بوجود الأمة الإسلامية ووحدتها والولاء لها:

الإيمان بوجود الأمة الإسلامية ورسالتها وخلودها، وأنها أمة لن تموت؛ لأنها

حاملة الرسالة الخاتمة،{كُنْتمُْ خَيْرَ أمَّةٍ أخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تأمُرُونَ  بِالْمَعْرُوف وَتنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتؤْمِنُونَ بِاللَّه} [آل عمران:110]. والإيمان بفرضية وحدتها، وبالأخوة الدينية بين أبنائها، على اختلاف مدارسها ومذاهبها ،كما قال تعالى: {وَاعْتصِمُوا

بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعا  وَلا تفَرَّقوُا} [آل عمران:103]، {وَلا تكُونوُا كَالذِّينَ تفَرَّقوُا وَاخْتلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبيَنِاتُ} [آل عمران:105]، واعتبار المسلمين حيثما كانوا أمة واحدة: "يسعى بذمتهم أدناهم، وهم  يدٌ  على  من  سواهم قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أمَّتكُم أمَّة وَاحِدةَ} [الأنبياء:92]، تجمعهم وحدة العقيدة، ووحدة القبلة، ووحدة الشريعة ،ووحدة الآداب، ووحدة المصير.

ويجب اعتبار الفرق المختلفة كلها من الأمة الواحدة، ما استقام منها وما انحرف ،ما دامت تصلي إلى القبلة، وتؤمن بالقرآن الكريم، كتاباً محفوظاً  لا زيادة فيه ولا نقصان. وبالسنة النبوية المشرفة ،بياناً  للقرآن ،والسعي إلى التقريب بين فئاتها ،بحيث تتعاون في المتفق عليه، وتتسامح وتتحاور في المختلف فيه، وتقف صفاً  واحداً في القضايا الكبرى. والتأكيد على مبدأ الولاء للأمة؛ بمعندى المودة والنُّصرة لها ولا يكون لأمة أخرى من دونها، وتقديم الولاء لها على الولاء للطائفة أو المذهب.