في قرى طريق روصو ..استياء شعبي من استخدام أشجار " اكرون لمحاده" في تثبيت الرمال

في قرى طريق روصو ..رفض شعبي لاستخدام أشجار الغرقد في تثبيت الرمال

رغم كونها دائمة الأخضرار، ورغم تأقلمها مع ظروف الجفاف والتصحر، إلا أن تحفظ الساكنة لا زال يعوق جهود التوسع أكثر في استخدام أشجار الغرقد كمصدات للرمال، ومنارات حول البيوت والحوزات الزراعية .. في تكند والقرى المحيطة بها تشكل أشجار الغرقد أو الكستاني لوحة خضراء بين الكثبان والسباخ الجرداء، لكن الانتشار العشوائي، والتوسع غير المدروس لهذه الجزر الخضراء في عمق الساحل الرملي يكشف عن حالة من غياب الإرادة والتخطيط لاستنبات هذا القدر من الأشجار والتي نمت وتمددت في غفلة من الزمن لتحتل كل هذه المساحات على ما يبدو وذلك رغم تحفظ الساكنة، والتغييرات المناخية التي تزيد من عوامل التصحر والجفاف عاما بعد آخر.

في العديد من قرى طريق نواكشوط روصو لا أحد يأبه لعمليات القطع الجائر لهذه الأشجار، ولا يأسف لما بات يتهدد غابات أشجار الغرقد من حرائق وعمليات تقطيع واسعة، بل إن قرويين أصحبوا يشجعون باعة الفحم والحطب على استهداف هذه الأشجار وتخليصهم من مضارها..

مضار بيئية

في قرية التيسيير في ضواحي تكند يشرح أحد الساكنة للفكر إن أشجار الغرقد بؤر دائمة للباعوض، ومن ثم مصدر للملاريا التي أصبحت احد الأمراض المتوطنة في الجنوب الموريتاني. كما أنها خطر على المياه الجوفية لما تستنفذ منها حيث تظل دائمة الأخضرار طوال العام، ولا تسمح بنمو أي نبات أو شجار معمرة بالقرب منها، لكن السبب الأهم في التحفظ على هذه الأشجار هو الاعتقاد في كونها من شجر اليهود، لذا يرفض السكان أي نوع من المهادنة مع هذه الأشجار التي تأكدوا من أنها قد لا تكون أفضل حليف للبيئة، ومهما كانت ضراوة التصحر وعمق مأساة الجفاف يعلق أحد السكان.

الغرس الجوي

عمدت السلطات في السنوات الأخيرة إلى استخدام عمليات الغرس الجوي للأشجار في مناطق الجنوب الموريتاني وذلك إبان موسم الأمطار، مما ساهم بالفعل في تباطؤ زحف الرمال والتي تقدر بثلاثة كلمترات في السنة، وبدل الاعتماد شبه الكامل على بذور شجر الغرقد يطالب السكان باستنبات بذور الأشجار المحلية المعمرة كالقتاد والأيك والأهيليج والسدر وحتى السفا والغضا وغيرها.. في المدن الكبرى ظلت أشجار الغرقد الخامات الأهم في عمليات التسوير وتحديد الملكيات الزراعية داخل الحوزات الزراعية، لكن من الملاحظ تراجع استخدامها كأشجار للزينة في أحياء العاصمة، كما يشرح أحد باعة الشتلات بوسط المدينة..حيث يتزايد الطلب على أشجار الكيني ونخيل الزينه وحتى زعف النخيل في التسوير ووضع المتاريس بين الحقول. باعة الحطب في سوق المغرب وفي غيرها من نقاط البيع هم الأكثر احتفاء بجذوع نبات الغرقد والتي تستخدم على نطاق واسع في تسوير الحوزات الأرضية ورفع الخيام خاصة في مواسم الحملات السياسية ومعارض الخيام..إنها الخامات الأرخص حتى الآن وقد تحافظ على هذه الميزة مادام هاجس وجودها يؤرق ساكنة المدينة ويقض مضاجع القرويين.. في موريتانيا التي تحتل الصحاري 90% من مساحتها، وتعاني من مخاطر زحف الرمال والتصحر لا يبدو أن أشجار الغرقد المعروفة محليا بأكرون لمحاد ستكون الحل الأمثل للمشاكل البيئة التي تهدد البلاد، ليس فقط بسبب الموقف الديني المتحفظ حول الاشتباه في هواية هذه الأشجار التي اكتسحت البر الموريتاني في السنوات الأخيرة، ولكن لتزايد الحديث عن مضارها البيئة والصحية والاستراتيجية على الأمن المائي للبلاد.