-الدكتور الطيب محمد محمود لموقع الفكر: التعليم يعيش تدهورا غير مسبوق

-موقع الفكر: ما تقويمكم لواقع التعليم في موريتانيا؟

-الدكتور الطيب محمد محمود: التعليم في الحقيقة يعيش تدهورا ومستوى ضعيفا للأسف، نتيجة كثرة المراجعات والكثير من الأساتذة قد تركوه نتيجة ضعف الظروف المادية والمعنوية التي يعيشونها.

 

- ما أبرز مظاهر الخلل في المنظومة التربوية؟

-الدكتور الطيب محمدمحمود: ربما من أبرز تلك المظاهر أن الدولة لا تضعه ضمن أولوياتها، فأنت ترى الميزانية المحددة للتعليم بمراحله كلها(ابتدائي- إعدادي- ثانوي- جامعي) لا تزيدنسبة 10% فقط من ميزانية الدولة بينما تجد في بعض القطاعات الاخرى من تمثل ميزانيتها نسبة 30% من ميزانية الدولة وهذه من أسباب المأساة التي يعيشها التعليم ، هذا بالإضافة إلى محدودية رواتب الأساتذة والمعلمين وكذلك ضعف تكوينهم.

 

- موقع الفكر: ما  العوامل التي أدت إلى تدهور التعليم بهذا المستوى؟

- الدكتور الطيب محمد محمود: من العوامل الأساسية كثرة المراجعات في المناهج التربوية فقد تسبب ذلك في ضعف مستويات الطلاب لدرجة أنك أصبحت تجد من يحمل شهادة "ليسانس" وهو لا يستطيع كتابة اسمه.

 

-موقع الفكر: ما تقويمكم للإصلاحات التربوية التي تم القيام؟

- الدكتور الطيب محمد محمود: تلك الاصلاحات ليس عبارة عن شيء فكل وزير يأتي ويغير ما قام به من سبقه وتبقى النتيجة واحدة للأسف، والواقع أن مسألة التعليم ليست أولوية بالنسبة للدولة الموريتانية، وربما السبب في ذلك أن أبناء المسؤولين في الغالب لا يدرسون في المدراس العمومية ولا يكملون دراستهم إلا في الخارج ويبقى أبناء الفقراء هم الضحية، وهناك مسألة أخرى تعيق المنظومة التعليمية وهي عدم وجود طاقة استيعابية في بعض المؤسسات وخصوصا المركب الجامعي فأحيانا تجد مدرجا واحدا يدرس به 2000 طالبا وجميع أوراقهم في الامتحان سيصححها أستاذ واحد،  إضافة إلى أن برنامج "LMD"  لم نواكبه بما ينبغي للتعامل معه،  فالسنة الدراسية عندنا لا تتجاوز ستة أو سبعة أشهر عندنا في حين أن العالم الآخر تبدأ السنة الدراسية عنده في سبتمبر وتنتهي في الشهر السادس.

 

-موقع الفكر: هل الفترة المحددة للبرنامج السنوي الجامعي كافية لتدريسه ؟

-الدكتور الطيب محمد محمود: يفترض أن تكون كافية ولكننا في الغالب لا نكمل المقرر لأن الكثير من وقت السنة يضيع علينا في الترتيبات والاجراءات الادارية وحين أتت الجائحة أصبح الوضع أكثر تعقيدا فنظام LMD يفترض أن يتم فيه تدريس 12 اسبوع في كل سداسي والواقع أننا لا ندرس إلا 7 أسابيع أو 8 .

 

- موقع الفكر: هل المشكل اللغوي تربوي أم  سياسي وما المقاربة الأمثل لهذا المشكل في نظركم؟

- الدكتور الطيب محمد محمود: مشكل اللغة قد يكون مشكل سياسي بالنسبة لمن يطالبون بتعريب المناهج أما بالنسبة لنا نحن أصحاب التخصصات العملية فمشكلة اللغة ليست عائقا أمامنا إذ يمكننا أن ندرس  بجميع اللغات، فهذا المشكل قد يواجه أهل الآداب والقانون وغيرهم أما أصحاب التخصصات العلمية فليس مطروحا بالنسبة لهم، أرى أن المشكل قد يكون لديه بعد وسياسي ومن أسبابه كذلك عدم الاهتمام بالتعليم فالمنهج الذي يتم اختياره لا يتلاءم مع واقع الطلاب لذلك تتخرج الأجيال وهي ليست مؤهلة.

 

- موقع الفكر: هل يمكن النهوض بالتعليم بموظفين يعيشون واقعا ماديا مزريا؟

 

-الدكتور الطيب محمد محمود: لن ينهض التعليم ما لم تكن هناك ظروف مادية ومعنوية معتبرة بالنسبة للموظفين فالأستاذ والمعلم في موريتانيا لا يمكن أن يعيش دون ممارسة وظيفة أخرى نتيجة لتدني الرواتب فالمدرس راتبه لا يتجاوز 100000 أوقية، وهذا مما يؤثر على المنظومة التربوية، وراتب الأستاذ الجامعي لا يتجاوز 300 ألف أوقية وهذا قليل بالنسبة لأستاذ قضى عمرا يدرس بالخارج، وأنت لديك بعض الجنرالات والوزراء يتقاضون الملايين. 

 

- موقع الفكر: نلاحظ من وقت لآخر مراجعة البرامج المدرسية فهل تلك المراجعات استجابة لحاجات وطنية أم تناغما مع توجهات دولية أم لمجرد استدرار التمويلات ؟

-الدكتور الطيب محمد محمود: لا أعتقد أن هناك تأثيرات خارجية حول الأمر، وإذا كانت فهي قليلة، فالتيارات السياسية عندنا تنتهز الفرصة في التأثير على المناهج حال ما تولي وزير منها، فتختط خطة تناسب أيدلوجياتها.

 

- موقع الفكر: ما رأيك في المدارس الفرنسية التي تدرس بعض الأمور المخالفة لعقيدتنا؟

- الدكتور الطيب محمد محمود: لا أطمئن إليها فهي مجرد تمهيد لاستقطاب أبناء هذا الوطن وإعطائهم الجنسية الفرنسية، أعتقد أن المستعمر ما زال هو نفس المستعمر واستثماراته تتواصل في  الضفة من أجل كسب ود سكان المنطقة، فكل ما تعطيه فرنسا أو الاتحاد الأربي تستأثر به مدن الضفة في حين أن سائر البلد مهمل في مشاريعها، فهم لا يستثمرون فيه، ولا أدرى ما هي مشكلتهم معها.

 

- موقع الفكر: ما سبب التدني الشديد على مستوى جامعتنا  التي تحتل ذيل الترتيب العالمي؟

- الدكتور الطيب محمد محمود: السبب الأساسي في ذلك هو سوء الإدارة والتخطيط والارتجال في ذلك ومن الأسباب كذلك تعيين البعض في مناصب لا يستحقونها، وتلك سياسية وزير التعليم العالي الدكتور سيد ولد سالم، لأن المعايير التي يعتمد للتعيين غير شفافة فمثلا كان يتم انتخاب العمداء ورؤساء الأقسام أما الآن فيتم تعيينهم من طرف الوزير مباشرة وحسب مزاجه، ومع ذلك لا أنكر أن الوزير مطلع على حيثيات الوزارة وما يتعلق بها لكنه يتعمد تصفية الحسابات مع بعض الأفراد وتلك سياسة مذمومة،  وهناك سبب آخر يعرقل المنظومة التعليمية وهو أن هناك توغل سياسي داخل التعليم فالمنظومة التربوية ينبغي أن تكون بعيدة كل البعد عن التجاذبات السياسية وغيرها.