الوزير أبوبكر ولد أحمد لموقع الفكر: اللغة العربية أصلا هي لغة أهل هذا البلد

موقع الفكر: هل المشكل اللغوي تربوي أم سياسي، وما  المقاربة الأمثل لحله؟

الوزير أبوبكر ولد أحمد: على كل حال هذه المسألة  فيها جانب نظري يتم التسليم به ولكن لديها إكراهات واقع لا يمكن القفز عليها، النظري المسلم أن اللغة العربية أصلا هي لغة أهل هذا البلد، ما دام الإسلام هو الدين الناظم فاللغة العربية تاريخيا هي اللغة الناظمة لأن غير الناطقين باللغة العربية في هذا البلد قد انقسموا أصلا إلى قسمين، قسم انصهر في اللغة العربية ونسي لغته القديمة مثل الذين كانوا يتكلمون باللغات الصنهاجية في هذا البلد وتعلقوا باعتزاز شديد بهذه اللغة باعتبارها لغة القرآن وليس ذلك زهدا في لغتهم الأصلية وإنما تقديسا وتقديرا للغة العربية، والقسم الآخر كانت لديه لهجات وبقي محتفظا بها ولكن اللغة العلمية لديه كانت اللغة العربية واعتقد أن هذه حقيقة مسلمة تاريخيا وأنه أيضا مسلم من الناحية النظرية أن اللغة العربية يجب أن تكون لها السيادة بالنسبة للمسلمين باعتبارها لغة القرآن،  أما من الناحية العملية فقد صار للغة الفرنسية أنصار  نتيجة لوجود الاستعمار وارتباط  بعض المكونات باللغة الفرنسية بشكل أكبر وكذلك ارتباط بعض النخب من المكونات الأخرى  بها واصبح لها ضحايا  لدرجة أنها إذا ألغيت سيعتبرون أن ذلك استهدافا لهم، من هذا المنطلق حصلت الإصلاحات التربوية المضطربة وآخرها إصلاح 1999م، الذي تضمن أن تكون المواد الأدبية باللغة العربية والمواد العلمية باللغة الفرنسية وحدد ميزانا كان هدفها الأساسي توحيد النشأ لأنه في الحقيقة من أهداف المنهج التربوي أن يصيغ مواطنا أوحد، يحمل ملامح الشخصية المنشودة في أي قطر من الأقطار لأن السؤال الأول الذي يطرح تربويا في هذا المجال هو " ما هي معالم الإنسان الذي نريد تكوينه في أبعاده المختلفة ؟ " والإجابة على هذا السؤال يجسدها المنهج المقرر وعلى هذا الأساس وجدنا أننا لدينا قطيعة بين الأجيال تتمثل في أن منهجنا التربوي ينتج عنه أن بعض خريجي مدارسنا لا يفقه كلمة من العربية والبعض الآخر لا يفقه كلمة من الفرنسية ، فالفرنسية كلغة قد صار لها مكان لدى بعض مكونات هذا المجتمع من غير الناطقين باللغة العربية أصلا، التربويون متفقون على أن الإنسان عندما يتعلم العلوم بلغته الأصلية يستطيع أن يبدع فيها ويعطي من العطاء ما لا يستطيع فعله في حال تعلمه بلغة غير لغته الأصلية ، لكننا نحن قد اصطدمنا بواقع آخر وهو أن التوجه المطلق بدفعة واحدة إلى اللغة العربية فيه نوع  من تولي الظهر لمكون من مكونات البلد تسود الثقافة الفرنسية في نخبه ومن الناحية الواقعية لا يمكن أن نتناسى أو ننسى أن للغة الفرنسية ظهير وقد تكون لديه مصلحة في تحريك الراكد عندما يلاحظ أن لغته ولي لها الظهر بدون تمهيد وقد اكتشف القائمون على التربية حينها أن جميع التخصصات العلمية أغلب طلابها كان يتم منحهم إلى الخارج وأن جميع الدول العربية التي يتم توجيههم إليها ليس فيها دولة واحدة تدرس المواد العلمية باللغة العربية باستثناء سوريا، وقد شكل هذا عائقا لبعض طلابنا نتيجة ضعف مستوياتهم في اللغات الأجنبية ومراعاة لذلك وقع الاجتهاد - الذي كان ينبغي أن يكون مرحليا - في أن تدرس المواد العلمية باللغة الفرنسية والمواد الأدبية في اللغة العربية وكان الهدف منه حينها أن يكون الجميع ناطقا باللغتين في نفس الوقت، ما ينبغي أن تخضع القرارات المتعلقة بمثل هذه الأمور للواقع الذي تنطلق منه وقد لاحظت أنه في الجامعة أصبحت هناك ازدواجية في اللغات فالتدريس في الجامعة الآن أصبح يعتمد على اللغة الفرنسية حتى في بعض التخصصات الأدبية، وأنا شخصيا لست ممن لديهم حساسية حول أي لغة وأعتبر أن العصر الذي نعيش فيه يتطلب معرفة كل ما هو متاح من لغات فمعرفة تلك اللغات قد تساهم في توطيد العلاقة بين مكونات تشترك في العقيدة والوطن والإقليم لكن مع كل ذلك ينبغي أن تظل مكانة اللغة العربية مصانة وأن تدرج في طريقة يمكننا من خلالها أن نجعلها هي لغة الإدارة الرسمية، أما على المستوى التربوي فينبغي أن تكون هناك سياسة تجعل اللغة متكلمة من طرف الجميع وكذلك الفرنسية قدر الإمكان  كما ينبغي أن نضع خطة تمكن جميع المواطنين من التحدث باللهجات المحلية خصوصا من يتصدرون المشهد السياسي ويسافرون إلى الداخل في بعض الحملات لأن حديثهم باللهجات المحلية لاشك أنه سيكون مصدر إثراء وينبغي أيضا أن نقطع الطريق امام المصطادين في المياه العكرة الذين يريدون أن يستغلوا أي تحرك اتجاه ماهو أصيل في هذا البلد ويمكن القول - للأمانة - أن هناك متعصبين للغة الفرنسية من فئات عربية غير ناطقة بالفرنسية اصلا وقد أسهموا في حماية مكانة الفرنسية ودافعوا عنها وهناك بالمقابل شخصيات من مكونات غير ناطقة بالعربية أصلا قد خدموا اللغة العربية ودافعوا عنها وخدموها خدمة منقطعة النظير كما حصل مع مدارس الفلاح وهذا يعطيك صورة أن الأزمة في نخبة البلد وليست في الفئات

 ومع كل هذا لابد أن نفهم  أننا أمة تعلم وانفتاح وأن تعدد اللغات والألسنة هو من آيات وجود الله عز وجل وفي النهاية انا أعتبر أن مشكل اللغة هو مشكل سياسي بالدرجة الأولى وتؤثر عليه بعض المؤثرات الخارجية أما من الناحية التربوية في تسعى للتوفيق بين الجميع