نسائم الإشراق/ فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي 

 العودة إلى الدوحة ومعاناة آلام الظهر
مشاهد رائعة:
ذهب الأولاد بالقطار، مارّين بالنمسا، وكانت رحلة ممتعة، ففي القطار ينعم الإنسان فيه بمشاهد رائعة: من بحيرات زاخرة بالمياه، وجبال شاهقة تمثِّل الجمال الشامخ، والشموخ الجميل، وأرض مبسوطة، وقد كستها يد القدرة الإلهية بساطًا سندسيًّا أخضر، تسر العين رؤيتها، ويبهج القلب تأملها، وتقوي الإيمان بمن أبدع هذه الطبيعة وأحكم خلقها: {صُنۡعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيٓ أَتۡقَنَ كُلَّ شَيۡءٍ} [النمل: 88].
وما أجمل ما قال شوقي:
تلك الطبيعة قف بنا يا ساري      حتى أريك بديع صنع الباري
الأرض حولك والسماء اهتزنا       لروائع الآيات والآثار
من كلِّ ناطقة الجلال كأنها       أم الكتاب على لسان القاري
دلَّت على ملك الملوك فلم تدع     لأدلة الفقهاء والأحبار
من شك فيه فنظرة في صنعه     تمحو أثيم الشك والإنكار
وقال أبو نواس:
تأمَّل في نبات الأرض وانظر      إلى آثار ما صنع المليك
عيونٌ من لُجين شاخصات      بأبصار هي الذهب السبيك
على قضب الزبرجد شاهدات     بأن الله ليس له شريك!
وفي مطار لوجانو وجدنا الأخوين الحبيبين: يوسف وغالب ينتظراننا، وكان لقاء حارا، تصافحت فيه الأيدي، وتعانقت المناكب، والتقت الوجوه والقلوب، وقد أوصلانا إلى الشقة التي سنقيم فيها، لنحطّ فيها رحالنا، ونضع حقائبنا، ثم دعانا الأخ يوسف «أبو حمزة» للعشاء عنده، وسرعان ما وصل أولادنا بالقطار، يقودهم المهندس حسام زوج ابنتي علا.
لقاء محبة وصفاء:
واجتمعت أسرة الأخ يوسف، وأسرة الأخ غالب وأسرتي، وكان لقاء على المحبة والصفاء، وكأنّ الجميع كانوا متعارفين من زمن طويل، والحقيقة أن أحدًا فيما عدانا نحن الثلاثة: يوسف وغالب وأنا - لم يلتق صاحبه قبل ذلك ولم يره. ولكن هذه مزية الحب في الله، الذي يؤكد ما جاء في الحديث الصحيح: «الأرواح جنود مجندة، فما تعارف فمنها ائتلف، وما تناكر منها اختلف».