نسائم الإشراق الحلقة رقم( 1451) مناظرة دار الحكمة في القاهرة بين الإسلاميين والعلمانيين|| 02 دجمبر 2020م/ 15 ربيع الآخر 1442ه‍|| الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة رقم( 479)

توتر الأجواء بين الإسلاميين والعلمانيين:
في صيف سنة 1985م، بعد عودتي من ألمانيا، حيث أجريت عملية الانزلاق الغضروفي بنجاح والحمد لله، ومررت مع الأولاد بمدينة لوجانو في سويسرا: عدت إلى القاهرة، لأقضي بها بقية الصيف، قبل الرجعة إلى قطر في بداية العام الدراسي.
وكان الجو في القاهرة متوترًا بين الإسلاميين والعلمانيين، ولا سيما بعد المقالات التي كتبها د. فؤاد زكريا أستاذ الفلسفة في جامعة القاهرة في صحيفة الأهرام، يهاجم فيها الصحوة الإسلامية ودعاتها ومؤيديها.
وقد تنادى الفريقان: الإسلامي والعلماني، إلى مناظرة تعقد بين الفريقين في إحدى القاعات الكبيرة، يعرض كلٌّ منهما ما عنده، ويردّ عليه الآخر، ويحتكم الجميع إلى جمهور الحضور.
وقد عرضت نقابة الأطباء أن تستضيف الفريقين في قاعتها الشهيرة «دار الحكمة» ودعت عددًا من دعاة الإسلام ومن دعاة العلمانية... كان أبرز الإسلاميين هو الداعية الكبير شيخنا الشيخ محمد الغزالي، وأبرز العلمانيين هو الدكتور فؤاد زكريا، الذي لم يحضر في النهاية من العلمانيين غيره.
وقد وُجِّهت الدعوة إليّ، وقد حضرت للتو من أوربا، وقال لي الإخوة في نقابة الأطباء: إن حضورك ضروري، لنشدَّ عضد الشيخ الغزالي، كما قال تعالى: {سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ} [القصص: 35] ... واستجبت للدعوة، مستعينًا بالله، سائلًا أن يمدني بروح من لدنه، وأن يُسدِّد لساني، ويقوِّي حُجتي، وتوجَّهت إلى الله تعالى بدعاء موسى حين أمره ربه أن يذهب إلى فرعون: {قَالَ رَبِّ ٱشۡرَحۡ لِي صَدۡرِي 25 وَيَسِّرۡ لِيٓ أَمۡرِي 26 وَٱحۡلُلۡ عُقۡدَةٗ مِّن لِّسَانِي 27 يَفۡقَهُواْ قَوۡلِي} [قطه: 25 - 28].
وفي الموعد المقرر وصلت إلى قاعة دار الحكمة، فوجدتها مزدحمة بالجماهير الغفيرة من كل حدب وصوب، ومن كل اتجاه ولون، ووجدت عددًا من قادة الرأي والفكر، مثل: المستشار طارق البشري، والأستاذ فهمي هويدي، والأستاذ عادل حسين، ود. أحمد العسال، فضلًا عن المناظرين الأساسيين الثلاثة: الغزالي والقرضاوي وزكريا.