إلى القادة العرب بمناسبة قمة الجزائر/ محمد الأمين الفاضل

ترددتُ كثيرا في الكتابة إليكم أياما معدودات قبل انعقاد قمتكم المنتظرة في الجزائر، ولا أخفيكم بأن أسباب ترددي كانت كثيرة، وكانت أكثر من وجيهة.

نعم هناك أكثر من سبب وجيه جعلني أتردد كثيرا في الكتابة إليكم، فلا ماضي القمم العربية يغري بالكتابة، ولا الواقع المؤلم الذي تعيشه أمتنا العربية اليوم، وحجم التحديات التي تواجهها، وصعوبة مواجهة تلك التحديات، لا شيء من ذلك يمنح من التفاؤل ما يكفي لأن يغري مواطنا عاديا مثلي بالكتابة إليكم.

أكثر من ذلك، لا أخفيكم بأني لم أعد أتحمس لمتابعة هذه القمم، وذلك لكونها أصبحت تزيد من حجم الخلافات أكثر من أن تضمد الجراحات، ولعل القمة الأخيرة التي تم تنظيمها في العام 2019 في تونس خير دليل على صحة ذلك.

حقا، لا شيء يدعو إلى التفاؤل في مثل هذا الظرف العصيب عربيا ودوليا، فعلى المستوى العربي فإن النصال ما تزال تتكسر على النصال، ولم يعد يوجد في الجسد العربي من رأسه إلى أخمص قدميه عضو معافى بشكل كامل. وعلى المستوى العالمي فإن الجوائح والحروب ومشاكل المناخ والأزمات بمختلف أشكالها وألوانها ما تزال تفعل أفاعيلها بكل دول العالم، وبطبيعة الحال فإن نصيب العرب من آثار تلك الجوائح والحروب والأزمات ليس بالشيء القليل.

لقد بلغ بي الإحباط أني لم أعد أفكر في القمم، ولم أكن أتوقع أصلا أن يتم الإعلان عن قمة عربية في مثل هذا الظرف العصيب عربيا، ولم أكن أتوقع في حالة الإعلان عنها أن يؤكد أغلب الملوك والأمراء والرؤساء العرب حضورها.

وفي زمن تراكم الخيبات ـ ونحن نعيش زمن تراكم الخيبات ـ يكون مجرد تنظيم القمة، وتأمين حضور عدد معتبر لها من القادة كما حصل مع قمة الجزائر المنتظرة، يكون ذلك كافيا لتجاوز التردد في الكتابة، وربما باعثا لتوجيه طلب إليكم بمناسبة قمتكم المنتظرة.

لن أتقدم إليكم بمطالب في السياسة أو الأمن أو الاقتصاد، فتلك قضايا شائكة وبالغة التعقيد، ونقاشها قد يزيد من حجم الخلافات بينكم. إن مطلبي الذي أتوجه به إليكم في قمتكم هذه، يتعلق بموضوع في غاية الأهمية، ولا أظنه سيثير الخلاف بينكم، وذلك لقناعتي أنكم جميعا تحبون اللغة العربية، وأنكم لن تتردوا في خدمتها، ولا في القيام بكل ما من شأنه أن يدعمها وأن يزيد من انتشارها في إفريقيا وآسيا وأوروبا وفي كل بقاع العالم.

إن مطلبي يتلخص في تلبية نداء أطلقته بعض المنظمات والمراكز والمؤسسات المهتمة باللغة العربية، وقد دعت فيه قمتكم إلى إصدار توصية بتأسيس منظمة دولية تعنى باللغة العربية في الدول الناطقة بها كليا أو جزئيا. ويمكن هنا التفكير في توسيع صلاحيات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لتتحول من منظمة خاصة بالدول العربية إلى منظمة دولية يمكن أن تنتسب لها دول غير عربية تستخدم فيها اللغة العربية كلغة ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة.

لم يعد من المقبول أن تكون بعض الدول العربية أعضاء في منظمة الفرانكفونية مثلا، والتي تعنى باللغة الفرنسية، أو أعضاء في منظمات دولية أخرى تعنى بلغات أجنبية أخرى، وذلك في وقت لا توجد فيه منظمة دولية تهتم باللغة العربية تنتسب لها الدول العربية، بالإضافة إلى الدول الإسلامية، وكل الدول التي تستخدم اللغة العربية كلغة ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة. 

كلي أمل بأن يجد مطلبي هذا بعض اهتمامكم. 

حفظ الله الأمة العربية…