الوزير محمد الأمين بن ديداه لموقع الفكر: سياسة البنك الدولي مبنية على أسس ومبادئ اقتصادية متعارف عليها

موقع الفكر: ما هي جدوائية التعامل مع البنك الدولي؟

الوزير محمد الأمين بن ديداه: سياسة البنك الدولي مبنية على أسس ومبادئ اقتصادية متعارف عليها حتى إنها صارت أيدولوجية،  أن أنجع وسيلة لتسيير الاقتصاد هي السوق، لكن السوق لا يمكن أن يطلق الحبل على الغارب قلا يكون هناك ما يلجمه، بل لا بد بصفة موازية أن تكون هناك إجراءات لتخفيف أضرار السوق المتعارف عليها، والتي يعترف بها البنك ما يطلق عليها الشبكات الاجتماعية،( filets sociaux) الشبكات الاجتماعية هي التي تضمن أو تحمي الطبقات الهشة من عواقب أن يكون السوق حرا أو متوحشا وهذا هو المبدأ الأول، والمبدأ الثاني  أنه لا يمكن للدولة أن تعيش فوق إمكانياتها، بل يجب أن تكون الأمور متوازنة حتى تعيش الدول وفق إمكانياتها فهذه مبادئ مسلم بها، ويبقى بعد ذلك التطبيق، وتخفيف العواقب الاجتماعية و الاقتصادية على الطبقات الهشة هي مسؤولية الحكومات، والممولين لا يفرضون أي شيء، بل الحكومات هي من تأتي إليهم وتطلبهم وتتودد إليهم كي يقومون بتمويلها، وسأسرد لكم قصة من التاريخ، أذكر أول مرة سافرت في وفد إلى واشنطن في اجتماعات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي أمر الرئيس آنذاك محمد خونه بن هيداله الوفد الوزاري أن لا يعود إلا وقد اتفق معهم، وقبل ذلك كان في مقاومة شرسة، أن لا يقبل التنازل لهم عن أي شيء وقد أدرك متأخرا ضروؤة وحتمية التعاون مع هذه المؤسسات، ومعنى هذا أن الممولين لا يفرضون شيئا بل عندما تكون الدولة محتاجة إليهم تأتيهم وتطلب منهم التمويل، وهم بالمقابل عندهم هذه المبادئ، وعندما لا تتفق معهم وتذهب إلى أي ممول آخر سيقول لك حاول أن تتفق مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لأنهم هم المسؤولون عن التوازنات الكبرى في الدولة المحتاجة للعون الدولي، وكذا نجاعة السياسات الاقتصادية المتبعة، وهم المسؤولون عن التأكد من ذلك، فالطابع( التأشير) الذي يوضع على ملفات الدول القابلة للتمويل متروك للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لا بد منه  حتى يقبل الآخرون النقاش معك، وحتى الصناديق العربية انقادوا لذلك مؤخرا، فهذه المؤسسات من بين أعضاء مجلس إدارتها ممثلون عن دول عربية كالمملكة العربية السعودية، ودولة الكويت، والإمارات .. الخ، ومع أنهم لهم صناديق الخاصة بهم إلا أن لهم ممثلين في مؤسسات التمويل العالمية، وعندما تعترض عليهم بجدوائية التعامل مع البنك الدولي- وهو أمر وارد - يقولون لك لولا تدخلنا نحن لكان الحال أسوأ فهذا ردهم دائما، وهذا الأمر من الصعب تبريره لعموم الناس غير المطلعة على العديد من جوانبه ولكن كما قلت لك هذا يدخل في أمور التسيير الاقتصادي، وقد قال مفكر فرنسي "الجفاف من الطبيعة والجوع من سوء التدبير"، وهم فعلا تلك هي سياساتهم ويمكن أن تنتج عنها هذه المشكلة التي ذكرت، ولكن قد يكون ذلك من سوء تدبير القائمين على الشأن العام.