الوزير السابق محمد بن العابد لموقع الفكر: على السلطات الموريتانية أن تحدد أولوياتها وأن تحسن من حكامتها

موقع الفكر: هل خسرت موريتانيا  أم ربحت من تعاملها مع المؤسسات المالية الدولية؟

الوزير محمد بن العابد: إذا ما رجعنا الذاكرة إلى تاريخ بدء العلاقة الوطيدة ما بين موريتانيا ومؤسستي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي نرى أن هذه العلاقة تعود إلى منتصف الثمانينات مع بداية حكم الرئيس الأسبق السيد معاوية ولد سيد أحمد الطايع، قبل ذلك الرئيس محـمد خونه ولد هيداله كان عصيا على التعامل مع المؤسستين، وحالة الاقتصاد آنذاك عند انقلاب 1984م، كان هنالك عجز مالي وكانت الدولة الموريتانية من الناحية الاقتصادية على حافة الانهيار، ومكرهة فارتمت في أحضان مؤسستي " Bretton Woods" وليست وحدها، إنما حذت آنذاك حذو جل البلدان الإفريقية، ففي 1984م، منذ 36 سنة، إذا ما عملنا تقييما لفترة التعاون هذه و التي تمتد على قرابة أربعة عقود، نرى أن لها بعض النتائج الحسنة، كما أن لها العديد من الإخفاقات، لكن يجب أن لا نضع اللوم على المؤسسات التي تقرضنا بل نضع اللوم علينا نحن؛ لأنه على السلطات الموريتانية أن تحدد أولوياتها وأن تحسن من حكامتها فتختار الطريق الأمثل لتمويل برامجها الإنمائية، فالمشكلة كانت دائما مشكلة حكامة، كان تنفيذ الاستثمارات- كما أسلفت- بطيئا، الإصلاحات تنفيذها بطيء هنالك تشابك ما بين السلطة السياسية وأصحاب رؤوس الأموال، وجل الثروات الوطنية وجل أصحاب الثروات الموريتانيين مصادر ثرواتهم التمويلات العمومية، ونرى أن الكثير منهم له ارتباطات مع أناس كانوا في فترة معينة إن لم يكونوا في هرم السلطة على كل حال في مراكز القرار، ونحن كما نقول بالحسانية "أهل اتويميرت متعارفين "؛ إذا الأمر واضح؛ وهو أن التحالف ما بين السلطة السياسة وبعض الفاعلين السياسيين خصوصا مع بدء ما سمي عندنا بالمسار الديمقراطي 1991 – 1992 ترتب عليه اتفاق غير مكتوب ما بين السلطة السياسية وأصحاب الأموال، نحن نمول الحملات نحن نساهم في إنجاح النواب والشيوخ والرؤساء، وبالمقابل السلطة الإدارية أو الإدارات العمومية تغض الطرف عن تجاوزاتنا في الصفقات العمومية، تغض الطرف عن عدم احترامنا لدفاتر الالتزامات، تغض الطرف عن عدم جودة المنشآت التي ننتجها أو نكلف بتشييدها في نطاق الصفقات العمومية؛ وفي ذلك تكون جودة المنشآت أو جودة الاستثمارات غير موجودة، أو على كال حال رديئة أو المنشآت والإنجازات لا تتناسب مع حجم التمويلات المرصدة لها، خصوصا إذا ما اعتبرنا أن ظاهرة الرشوة والفساد المالي في بلادنا كانت ظاهرة قوية جدا، والدراسة التي أجرتها الحكومة الموريتانية سنة 2007 – 2008 بالتعاون مع المجموعة الأوروبية والبنك الدولي أظهرت أن الفساد آنذاك كان مستشريا في موريتانيا، من هرم السلطة إلى أسفل مرتبة في الإدارة إلى البوابين، الكل يجد مصلحته في نظام عم فيه الفساد، وأظن أن هذه الحقيقة أصبحت أكثر تأكيدا وأكثر مرارة في الفترة 2008 – 2019م.