دور الزكاة في تجاوز اشكالية الفقر/ موقع الفكر

إن سحر الحضارة الغربية السطحية قد استأثر بالتفكير العادى بدلا من التحليل الموضوعي، وبذلك يحاول البعض أن يجعل  الإسلام ذيلا للنظم الوضعية القاصرة، ويحلو لبعضهم أن يطالب بأن تفرض مكان الزكاة ضريبة؛ لأن الزكاة لا تلائم هذا العصر، فما هي الزكاة وماهي أهدافها؟ ذلك ما سنعرض له في الفقرتين اللاحقتين إن شاء الله.

الفقرة الأولي: تعريف الزكاة أجمع تعريف للزكاة هو قول رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الطويل الذي رواه ابن عباس أنه بعث معاذا الي اليمن وذكر فيه "....فأعلمهم أن الله فرتض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أنيائهم وترد على فقرائهم[1]"، فأين هذا من الضريبة فحسب هذا التعريف "فالزكاة تؤخذ من قادرين والتأمين يؤخذ من قادرين ويرد عليهم اذا أصابهم حادث معين بصرف النظر عن حاجاتهم، أما الزكاة فتعطي للمحتاجين بصرف النظر عن مساهمتهم في الدفع.

 الزكاة لها نسب محددة ومصاريف محددة لحكمة عند الشارع الحكيم ليس لنا أن نتجاوز ها إيرادا أو مصروفا لأنه يتعبد بها في الوجهين والشكل الهزيل الذي طلع به علينا منظرون في العصر الحديث للزكاة فجعلوها أشبه بالضمان الاجتماعي الذي يبني على التطوع والإحسان الفردي قد يدفع أو لا يدفع حسب الميزانية شجع أناسا على أن يلمزوا الشريعة بل منهم من ذهب الي القول بأن الضريبة هي التطور الصالح للزكاة من جانب الايراد والتأمين هو التطور الصالح من جانب المصاريف[2]". هذا عن تعريف الزكاة، فماذا عن أهداف الزكاة.

الفقرة الثانية: أهداف الزكاة: لقد اهتم الاسلام بتماسك المجتمع وقيام الرحمة على أساس تكافلي سليم فما لم ينل كل فرد حظه خرج الي المجتمع شقيا شرسا لا يرجي منه خير ولا يعول عليه في الاسهام في تنمية المجتمع المسلم ولذلك شرع الاسلام الزكاة.

 إن هدف الزكاة الأساسي يصب في الاتجاه العام للشريعة ومقاصدها تلك المقاصد التي ترمي الي إسعاد الناس في كل الأحيان وتوفير الحياة الكريمة لجميع أفراد الشعب من خلال "القضاء على ظاهرة الفقر في المجتمع والشر الأكثر في المال في حصره ببعض الأيدي سيما حيث يعم الفقر والعوز.

  والزكاة فريضة أمر الله الميسورين بدفعها من أجل الفقراء والمعوزين، إذا،  يجب العمل على تنظيم مؤسسة الزكاة والقيام بجباية الأموال واستخدامها بغية استئصال الفقر من المجتمع وليس ثمة نظام اقتصأدى في العالم حل مشكلة اختزان الأموال دون ما جدوي مثل الزكاة فهي الحل الأكثر جدوائية للقضاء على ظاهرة الفقر[3]". ان شعور المسلم بعبادية هذا الأمر يجعله أكثر اندفاعا واخلاصا في أداء الزكاة رجاء ثواب الله سبحانه وتعالي وهذه نقطة قوة في النظام الاسلامي في حين كان الخواء الروحي والتركيز على البعد المأدى البحت نقطة ضعف تعصف بالنظم الوضعية تجعل الجميع يتفاني في التزوير والتدليس والتحايل كي لا يدفع الضريبة "ان العرض الأساسي للتأمين والزكاة في الاسلام هو تقسيم الخسارة في غمرة سواد الناس في المجتمع كيلا يقع العبء بثقله على فرد كان ضحية حادث مشؤوم، وإنما يشاطره فيه أشخاص ميسورون في المجتمع وذلك حفظا للتوازن الاقتصأدى ومن شأن الضمان الاجتماعي المتحرر من الربا أن يزيل كل طارئ يتعرض له أعضاء المجتمع رغبة منه في توفير الحماية المعنوية والمادية للشعب مقابل أقساط مقبولة[4]".

ولما كانت الزكاة موجهة أساسا الي رأس المال فمن شأن ذلك أن يدفع مالكي رؤوس الأموال الي توظيف أموالهم خوفا من تآكلها مما سيزيد نسبة التوظيف في عناصر الانتاج كما أن من شأنه زيادة طلب الشرائح الاجتماعية المختلفة كما تسمح الزكاة بكسر حلقة الفقر من الشرائح الاجتماعية الدنيا وبناء فضاء اجتماعي أكثر عدالة واستقرارا وتجاوز ظاهرة الاكتناز والاستهلاك المظهري والترفي ومنع أن يكون المال دولة بين الأعنياء وبالتالي خلق مناخ اقتصأدى يتسم بالرواج والنمو والتوسع الموزون والانتشار المتأني مما يعطي دفعة قوية "بيع بوش" للاقتصاد، هذا بشكل عام عن أهداف الزكاة فلو أخذنا ظاهرة الفقر وكيف يمكن للزكاة القضاء عليها بشكل أكثر تحديدا لرأينا "ان الاسلام هو أول نظام اجتماعي يعرفه الانسان وضع أسس التكافل الاجتماعي على أساس الحق لا على أساس الاشتراك أو التفضيل ويذكر التاريخ أن حكومة أبي بكر الصديق، هي التي أعلنت الحرب على من رفض دفع الزكاة.

 الزكاة تحقق الدعم السليم اذ أن مصارفها –حرب على الجهل والمرض في حصة الفقراء والمساكين.

-حرب على الفساد والانحلال الأخلاقي في حصة الإعانة على الزواج.

-حرب على العبودية في تحرير الرق وفي ضمان ملكية سد الحاجة للفقراء.

- وحرب على مخلفاته من خلال الدعم اللامحدود لتنمية هذه الشريحة.

-اعانة على الحوادث والكوارث والديون في حصة العارمين.

مساهمة في تحمل أعباء الدولة في حصة سبيل الله.

 فلماذا لا تكون الزكاة أداة الدولة في السياسة المالية لتحقيق الرواج وفي السياسة الاقتصادية بديلا عن الربا وفي السياسة الاجتماعية بديلا عن التأمينات الاجتماعية وما تلاها من مشكلات وقصور؟.

  • المعروف أن الزكاة عمل من أعمال الدولة يقوم بها الأئمة للرعية لأن الدولة هي التي تخصص سهم العاملين على الزكاة، ولماذا لا تأخذ الدولة حصة الزكاة من الأعنياء وتقيم بجزء منها مصانع تملكها للفقراء فتسد حاجتهم وتستفيد الدولة من قدرتهم وتساهم في تنمية الاستثمار كسياسة مالية لعلاج التخلف إذا كانت أزمتنا ادخارية قبل أن تكون استهلاكية؟[5]".

إنه عندما توزع الزكاة حسب أمر الله بأسلوب أخلاقي محترم فالذي يأخذ الزكاة انما يأخذ مال الله ولا أحد يمن عليه والله سبحانه وتعالي يقول "وآتوهم من مال الله الذي آتاكم...[6]".

هذا عن الزكاة ودورها في القضاء على ظاهرة الفقر.

 

[1]  محمد بن سماعيل البخاري، صحيح البخاري، ج1، دار احياء الكتاب العربي، بدون سنة نشر، ص 242

[2]  د/ محمد عبد المنعم عفر، يوسف كمال محمد، أصول الاقتصاد الاسلامي، ج1، دار البيان العربي، جدة، ط1، 1985م، ث 381

[3]  عشرة من علماء الاسلام، الاسلام والمعاملات الاجتماعية الحديثة، دار الكتاب العربي، بيروت، بدون سنة نشر، ص 59

[4]  عشرة من علماء الاسلام، الاسلام والمعاملات...، مرجع سبق ذكره، ص 80 وما بعدها

[5]  محمد عبد المنعم عفر، يوسف كمالف محمد، أصول الاقتصاد الاسلامي، مرجع سبق ذكره، ص 404

[6]  سورة النور الآية 32