نسائم الإشراق الحلقة رقم (1502) 23يناير 2021م 09جمادى الآخر 1442هـ الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة رقم (530) زيارة أستراليا في صيف 1987م

دعوة من الجمعية الإسلامية في أستراليا:
في أثناء السنة الدراسية لسنة 1987م: جاءتني دعوة من الجمعية الإسلامية في أستراليا، من الأخ المهندس النشيط أحمد توفيق وإخوانه في مدينة «ملبورن» لحضور مؤتمر إسلامي يعقد في هذه المدينة في شهر يوليو - على ما أذكر - ويشارك فيه عددٌ من العلماء والدعاة المرموقين، ويتناول قضايا معاصرة تهم المسلمين في أستراليا، وألح الإخوة علي ألا أتأخر عن المشاركة، وأن من حق المسلمين في هذه القارة أن يكون لهم حظ منك، كما كان لسائر القارات... إلى آخر ما قالوا، واتصلوا بي وكرروا الاتصال، حتى استجبت لدعوتهم.

والحقيقة أني كنت حريصًا على زيارة أستراليا، فهذه فرصة لي، ومن الواجب عليّ ألا أفوّتها، وإن كان عيب توقيتها: أنها تصطدم مع موعد ملتقى الفكر الإسلامي السنوي في الجزائر، الذي أصبحت ملتزمًا أدبيًا بحضوره كل عام.

الترجيح عند تزاحم الواجبات:

ولكن عندما تتزاحم الواجبات، لا بدّ من الترجيح وفق معايير كل إنسان، وأولوياته، وقد رجّحت زيارة أستراليا على ملتقى الجزائر؛ لأن ملتقى الجزائر يعوّض بغيره، وهذه قد لا تعوض، ولأن هذه هي المرة الأولى وربما تكون الأولى والأخيرة لبُعد المسافة بيني وبين أستراليا.

عدم الرفيق وطول الطريق:

وكانت أسفاري في جُل تلك السنين أقوم بها وحدي بلا رفيق معي، على الرغم من أن العرب قالوا في أمثالهم من قديم: الرفيق قبل الطريق، كما أن كثيرًا من إخواني ومشايخي قالوا: لا ينبغي أن تسافر، وليس معك مرافق، ولكن الرفيق يحتاج إلى تذكرة، وهي باهظة الثمن، فمن يدفعها؟ لهذا كان مما يقلقني في مثل هذه الرحلة: طول الطريق، وعدم الرفيق! وأضف إليه أمرًا ثالثًا، وهو: فقدان الدليل!
ولقد قدر الله لي أن أذهب إلى أستراليا من مدينة «لندن» فقد كان عندي هناك اجتماع مجلس أمناء «مركز أوكسفورد» للدراسات الإسلامية، وبعد الاجتماع، عزمت على الرحيل إلى «هونج كونج» لأبيت هناك ليلة، وفي اليوم التالي، أمتطي طيارة «الكاتي باسفيك» إلى مدينة ملبورن بأستراليا.