نسائم الإشراق الحلقة رقم (1503) 24يناير 2021م 10جمادى الآخر 1442هـ الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة رقم (531) زيارة أستراليا في صيف 1987م (تابع) رحلة 14 ساعة مليئة بالمتاعب

أحسب أنني أخذت من لندن الطائرة «السنغافورية» إلى «هونج كونج»، ولكنها من مطار «جات ويك»، وكانت درجة واحدة، وكانت شديدة الزحام، وبرغم أني استعنت بأدعية السفر المأثورة، واستعذت بالله من وعثاء السفر، وكآبة المنظر، وسوء المنقلب في الأهل والمال والولد، وسألت الله أن يصحبني في سفري، ويخلفني في أهلي، كانت هذه الطائرة جلستها متعبة، ورحلتها مرهقة، ونام الناس من حولي، ولم أستطع أن أنام إلا خطفات، لا تريح المتعب، ولا تطمئن القلق.

وأنا ممن لا يحسنون النوم في الطائرات مثل كثير من الأصدقاء، فكيف بمثل هذه الطائرة المزحومة، المهم أنه بعد (14) أربع عشرة ساعة مليئة بالمتاعب، وصلت إلى «هونج كونج».

وهنا وقعت في مطب لم يكن على البال.

مفاجأة في مطار هونج كونج:

فقد رتَّب لي الإخوة من أستراليا من ينتظرني في مطار «هونج كونج» عند وصولي، وهو أخ يعرف العربية ويعرفني، وقد نسيت اسمه، وكان من المفترض أن أجده منتظرًا قدومي بمجرَّد وصولي.

ولكني نزلت من الطائرة، وتسلمت الحقيبة، وخرجت، لأتلفت يَمنة ويَسرة، فلم أجد أحدًا، فوقفت مدة حتى تعبت، ثم رأيت أن هناك أكثر من طابق للانتظار، فسحبت عربتي التي تحمل حقيبتي، ونزلت إلى تحت وانتظرت قليلًا، ثم صعدت إلى فوق، وانتظرت قليلًا، حتى تعبت أو كدت. وقلت: قدر الله وما شاء فعل، لعل شيئًا ألّم بالأخ المكلّف بالانتظار، فأخّره من حيث لا يحتسب. وقد قال الشاعر:  
تأنّ ولا تعجل بلومك صاحبا     لعلّ له عذرًا وأنت تلوم!
وكان الذي يؤلمني ويحزّ في نفسي: أنني أشبه بالغريق، الذي لا يحسن العوم، ولا يجد السبّاح الذي ينقذه.