نسائم الإشراق الحلقة رقم (1507) 28يناير 2021م 14جمادى الآخر 1442هـ الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة رقم (535) زيارة أستراليا في صيف 1987م (تابع) إلى سيدني

وبعد تطواف في عدّة مدن، كان لا بد لنا من أن نذهب إلى «سيدْني» المدينة الأم، والعاصمة الكبرى، وفيها أكبر مجموعة إسلامية، وفيها المساجد والمدارس والمؤسسات الإسلامية. وفيها خطبة الجمعة في جامعها الكبير، الذي يخطب فيه أشهر الدعاة هناك، الشيخ تاج الدين الهلالي، وألقيت عدّة محاضرات ودروس في أماكن مختلفة، كما حضرت عدّة لقاءات عامة وخاصة.

الخلاف بين الأقليات الإسلامية:

وقد وجدت المسلمين -كالعادة- مختلفين شيعًا وأحزابًا، على أن كل ما حولهم يوجب عليهم أن يجتمعوا ولا يتفرقوا، وأن يتوحّدوا ولا يختلفوا، وألّا يتنازعوا فيفشلوا وتذهب ريحهم.

ولقد رأيت بعيني ولمست بيدي: أنّ كل الأقليات في الدنيا تتقارب وتتضام وتتلاحم فيما بينها، لتحافظ على كيانها وحقوقها في مواجهة الأكثرية، إلا الأقليات الإسلامية للأسف الشديد، فهي دائمًا على خلاف، وأبدًا في تطاحن، مع أن كتاب ربهم وسنة نبيهم، وأحكام شريعتهم، ناهيك بضرورة وجودهم ومصيرهم المشترك كلها تناديهم أن يعملوا على توحيد الكلمة، كما يؤمنون بكلمة التوحيد.

إنَّ الاتحاد يقوِّي القلة، والاختلاف يضعف الكثرة.

وقد قال تعالى: {وَٱعۡتَصِمُواْ بِحَبۡلِ ٱللَّهِ جَمِيعٗا وَلَا تَفَرَّقُواْ} [آل عمران: 103]، {وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلۡبَيِّنَٰتُ} [آل عمران: 105]، وقال رسولهم: «لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا»، وقال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا»، وشبك بين أصابعه.

حدثتهم في هذه المعاني، وركزت عليها، وخصوصًا مع العلماء الذين يقومون بالتوجيه والإرشاد للجماعة المسلمة هناك، ومنهم الشيخ تاج الدين الهلالي، وهو عالم أزهري مصري أمسى له شأن بينهم، ثم أمسى بعد ذلك مفتيًا لهم.