نسائم الإشراق الحلقة رقم (1509) 31يناير 2021م 17جمادى الآخر 1442هـ الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة رقم (537) زيارة أستراليا في صيف 1987م (تابع) السؤال عن صديقي الجزائري محمد أكسوري

كان من أول ما حرصت عليه بعد وصولي إلى جاكرتا: أن أسأل عن صديقي القديم، ورفيقي في السكن في كلية أصول الدين، الجزائري العالم الأديب المناضل: محمد أكسوري «أو الأقصري كما كنا نناديه» والذي علمت أنه سفير الجزائر في إندونيسيا، ولكني -للأسف الشديد- لم أجده في إندونيسيا، فقد كان في إجازة في ذلك الوقت، أي أنه ذهب إلى الجزائر في الوقت الذي كان ينبغي أن أكون فيه في الجزائر لحضور ملتقى الفكر الإسلامي، فلم يشأ الله تعالى أن ألتقي صديقي الأخ الجزائري في الجزائر من قبل، ولا في إندونيسيا من بعد، وإن كنت لقيته مرة بعد ذلك بنحو سنتين.

برنامج حافل:

وقد رتَّب لي الإخوة برنامجًا حافلًا، زرت فيه عددًا من الجامعات في جاكرتا ومدارسها الإسلامية العريقة: الشافعية والظاهرية وغيرها، وفي بعض المدن القريبة في جزيرة «جاوة».

وكان من أهم ما رتَّبوه لي: التقاء الدعاة من الشباب، لأتحدّث إليهم وأنورهم بما يجب عليهم في هذه المرحلة، من إعداد أنفسهم للحفاظ على المسلمين، ولمواجهة المنصِّرين، وهو إعداد متكامل، يجب أن يكون إعدادًا ثقافيًا، وإيمانيًا، وأخلاقيًا، وذكرتهم بما كتبته من قبل في كتابي «ثقافة الداعية».

ومما أذكره أني التقيت بعض الشباب من الدعاة القادمين من المملكة السعودية، وكان من بينهم الشاب الشيخ سلمان فهد العودة، وقد أمسى اليوم من مشاهير الدعاة.

زيارة جزيرة «سومطرة»:

وكان من المهم جدًّا في هذا البرنامج هو: زيارة جزيرة «سومطرة» لأول مرة، وهي الجزيرة الكبرى الثانية، بعد جاوة، وقد ذهبت إليها بالطائرة، ثم تنقلنا بالسيارة بين مدنها، حتى وصلنا إلى أعلى الجزيرة، وقد حاضرت في جامعاتها ومعاهدها، ولقيت أهل العلم والدعوة والفكر فيها، وكانت رحلة خصبة مباركة.

تبخر أحلام الإرساليات التنصيرية:

ولقد اطمأننت من خلال هذه الزيارة إلى أن أحلام الإرساليات الأوربية والأمريكية في تحويل إندونيسيا من الإسلام إلى النصرانية خلال خمسين عامًا ... هذه الأحلام قد تبخرت، فقد نسي المخططون الحالمون: أن الإسلام أرسخ قدمًا، وأعمق جذورًا، مما يظن الظانون: {يُرِيدُونَ أَن يُطۡفِ‍ُٔئواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفۡوَٰهِهِمۡ وَيَأۡبَى ٱللَّهُ إِلَّآ أَن يُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَٰفِرُونَ 32 هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ} [التوبة: 32، 33].