التعليم في الولايات الداخلية.. رهانات كبيرة واختلالات خطيرة

يعيش التعليم عموما في موريتانيا ظروفا معقدة على العديد من المستويات سواء تعلق الأمر بالجوانب الإدارية التي شهدت خلال السنوات القليلة الماضية العديد من عمليات الهيكلة على مستوى الوزارة، التي كانت إلى حد قريب وزارتين ثم ثلاث وزارات(وزارة التهذيب والتعليم الأساسي / وزارة التعليم الثانوي والتكوين المهني / وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتقنيات الإعلام والاتصال) ، ثم بعد ذلك جمعت (وزارة التهذيب ووزارة التعليم الثانوي) في وزارة واحدة في التعديل الوزاري الأخير، هذا على مستوى القمة فقط فما بالك بالقاع وقاع القاع، فالشكاوي تأتي من كل جهة بسبب ضعف التعليم والذي يظهر تجسيده في المخرجات وفي نتائج الامتحانات الوطنية، التي تعد موريتانيا من بين أضعف الدول في نسب النجاح مغاربيا، موقع الفكر نزل الميدان إلى العديد من مناطق الداخل الموريتاني لاستطلاع المشاكل التي يعاني منها التعليم في موريتانيا.

مدارس مغلقة ...

قد يكون من المعروف في البلاد أن المشكلة في نقص المدارس، ولكن الحقيقة أن العديد من المدارس الموجودة مغلقة هي الأخرى، والسبب الرئيس هو عدم وجود تلاميذ، والذين ينخرطون في الأنشطة الاقتصادية الأسرية في معظم فصول السنة، وذلك من أجل المساهمة في الاقتصاد الأسري الهش، والذي يحتاج إلى جهود الأطفال في المجال الفلاحي.

هذا مع المشكل الخاص بحضور المعلمين، فكما يصرح رئيس قرية المبروك ببلدية مال في مقابلة مع موقع الفكر؛ فإن مدرسة القرية مغلقة منذ خمس سنوات بسبب عدم تحويل معلمين إلى المدرسة رغم مراجعتهم المتكررة للإدارة (يمكنكم متابعة المقابلة عبر الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=Hksh5OB8wE8) .

وغير بعيد من منطقة المبروك فقد صرح السيد أحمد سالم مكحلة في مقابلة مع موقع الفكر؛ أن مدرسة قرية صدة الخظارة مغلقة منذ خمس سنوات بسبب عدم تحويل معلمين إلى المدرسة ( يمكنك متابعة المقابلة عبر الرابط التالي: https://www.youtube.com/watch?v=Jp19u-D3kDs) .

نقص المعلمين والاكتظاظ..

في معظم القرى التي وقفنا عليها كانت مشكلة الاكتظاظ مطروحة، وذلك بسبب أن غالبية المداس تتكون من فصل أو فصلين، هذا مع وجود معلم واحد في المدرسة وهو ما يفرض عليه تدريس أكثر من 100 تلميذ في نفس الوقت، كما هو الحال في قرية أهل بو احمد التابعة لبلدية الخط في ولاية الترارزة، مما يعني أن المردودية ستكون محدودة، والاستفادة شبه مستحيلة وذلك بسبب الوضع الخاص بالبنى التحتية والكادر البشري، إذ لا تكاد تجد مدرسة مكتملة من حيث البناء والطاقم إلا نادرا.

واعترف وزير التعليم في خطاب سابق بنقص المعلمين والأساتذة ولكن هناك أيضا نقص غير مبرر، وهو تخلف المعلمين عن أماكن عملهم، إشكالية لها تأثير كبير على مستقبل السكان ومستقبل أبنائهم.
 

من الضروري في هذه الظروف النظر في حلول لتشجيع المعلمين على البقاء في أماكن عملهم، وتكاتف الجهود الحكومية وجهود السكان؛ ليواصل المعلم القيام بمهمته النبيلة.

وهذا ما سعت إليه الوزارة المعنية بالتعليم في العام المنصرم حيث أطلقت ورشات لإصلاح التعليم بمشاركة العديد من المفتشين والأساتذة، وما زال العاملون في الحقل التعليمي ينتظرون نتائج هذه الورشات لعلها تحمل الحل المنتظر لظروف قطاعهم الصعبة.

المشاهدات الكثيرة على مستوى ضعف البنية التحتية وغياب الصيانة وعدم اهتمام الأهالي بالدراسة، وضعف التجاوب والمتابعة بين السلطات من جهة، والسكان من جهة أخرى كلها عوامل تنذر بكارثة تعليمية إذا لم يقف الجميع من أجل إصلاح التعليم وجعله أولوية الأولويات.