نسائم الإشراق الحلقة رقم (1531) 08 مارس 2021م 24 رجب الفرد 1442هـ الشيخ د. يوسف القرضاوي الحلقة رقم (559) خلاصة آرائي في الإصلاح والتجديد (تابع)

ويرى ضرورة التخطيط القائم على الإحصاء ودراسة الواقع، وأن من آفات الحركة الإسلامية المعاصرة غلبة الناحية العاطفية على الاتجاه العقلي والعلمي، كما أن الاستعجال جعل الحركة الإسلامية تخوض معارك قبل أوانها، وأكبر من طاقتها.

 

ويأخذ على بعض العاملين للإسلام النفور من الأفكار الحرة والنزعات التجديدية التي تخالف المألوف والمستقر من الأفكار، وضيقهم بالمفكرين، وربما أصدروا بشأنهم قرارات أشبه بقرارات الحرمان.

 

ويقول: إن اتباع أهواء العامة أشدّ خطرًا من اتباع هوى السلطان، لأن الذين يتبعون هوى السلطان يكشفون ويرفضون.

 

ويرى أنَّ الاستبداد السياسي ليس مفسدًا للسياسة فحسب، بل هو مفسد للإدارة والاقتصاد والأخلاق والدين، فهو مفسد للحياة كلها.

 

ويرى أن الصحوة الإسلامية تمثِّل فصائل وتيارات متعدِّدة كلها تتفق في حبها للإسلام، واعتزازها برسالته، وإيمانها بضرورة الرجعة إليه، والدعوة إلى تحكيم شريعته، وتحرير أوطانه، وتوحيد أمته.

 

ويعتبر أهم تيارات الصحوة وأعظمها هو التيار الذي أسماه تيار «الوسطية الإسلامية» لأنه التيار الصحيح القادر على الاستمرار، ذلك أن الغلو دائمًا قصير العمر وفقًا لسنة الله.

 

ويرى أن أهم المحاور التي يقوم عليها هذا التيار، والمعالم التي تميزه:

- الجمع بين السلفية والتجديد.

- الموازنة بين الثوابت والمتغيرات.

- التحذير من التجميد والتجزئة والتمييع للإسلام.

- الفهم الشمولي للإسلام(1).

 

وينصح الحركة الإسلامية أن تعمل على ترشيد الصحوة، ولا تحاول احتواءها أو السيطرة عليها، فمن الخير أن تبقى الصحوة حرة غير منسوبة إلى جماعة أو هيئة أو حزب.

 

ويرى أنه ليس من العدل ولا من الأمانة أن نحمّل الشباب وحدهم مسئولية ما تورطوا فيه، أو تورط فيه بعضهم من غلو في الفكر أو تطرف في السلوك... والعجب أننا ننكر على الشباب التطرف ولا ننكر على أنفسنا التسيّب، ونطالب الشباب بالاعتدال والحكمة ولا نطالب الشيوخ والكبار أن يطهروا أنفسهم من النفاق.

 

ويرى أن الشباب ضاق ذرعًا بنفاقنا وتناقضنا فمضى وحده في الطريق إلى الإسلام دون عون ما.

 

ويرى أن المؤسسات الدينية الرسمية -على أهميتها وعراقتها- لم تعد قادرة على القيام بمهمة ترشيد الصحوة الشبابية، وعلاج ظاهرة الغلو، ما لم ترفع السلطات السياسية يديها عنها، وأن الذي يعيش مجرَّد متفرج على الصحوة الإسلامية، أو مجرَّد ناقد لها وهو بعيد عنها، لا يستطيع أن يقوم بدور إيجابي في تسديدها وترشيدها، فلا بدَّ لمن يتصدَّى لنُصح الشباب من أن يعايشهم ويشاركهم همومهم، ويتعرَّف على حقيقة حالهم.

 

ويرى أن أسباب الخلاف قائمة في طبيعة البشر، وطبيعة الحياة، وطبيعة اللغة، وطبيعة التكليف، فمن أراد أن يزيل الخلاف بالكلية فإنما يكلف الناس والحياة واللغة والشرائع ضد طبائعها، وأن الخلاف العلمي لا خطر فيه إذا اقترن بالتسامح وسعة الأفق، وتحرر من التعصب وضيق النظر.

ويرى أن الأمة المسلمة اليوم ابتدعت في دين الله، والابتداع في الدين ضلالة، وجمدت في شئون الدنيا، والجمود في الدنيا جهالة، وكان الأجدر بها أن تعكس الوضع فتتبع في أمر الدين، وتبتدع في أمر الدنيا.

 

ويرى أن من العلماء من قصَّر في واجب البلا المبين، ومنهم من مشى في ركاب السلاطين، ومنهم من جعل من نفسه جهازًا لتفريخ الفتاوى حسب الطلب.

 

والحكام في الغالب أشبه بشعوبهم، وهم إفراز مجتمعهم.

 

ولا شك في أن الأخ الدكتور يوسف القرضاوي يعتبر من أبرز الفقهاء المعاصرين الذين يتمتعون بقدرة متميزة على النظر الدقيق من خلال كسبه المتعمق للعلوم الشرعية، وتجربته الميدانية في مجال العمل الإسلامي، كما يعتبر من المفكرين الذين يمتازون بالاعتدال، ويجمعون بين محكمات الشرع ومقتضيات العصر، وتجمع مؤلفاته بين دقة العالم، وإشراقة الأديب، وحرارة الداعية.